[ 29 ] الاطراد دليل المجاز أنه يقتصر فيه بما حصل فيه الرخصة من نوع العلاقة ولو في صنف من أصنافه فلا ريب أن المجاز حينئذ ينحصر فيما حصل فيه الرخصة وهو مطرد وإن أريد أنه بعد حصول الرخصة في النوع غير مطرد فقد عرفت أنه ليس كذلك فنقول أن عدم جواز إسئل الجدار مثلا إنما هو لعدم مناسبة الاهل للجدار المناسبة الظاهرة المعتبرة في المجاز وكذلك إسئل الشجر وإسئل الابريق ونحو ذلك فذلك لعدم إنفهام الرخصة فيه لا لوجود المانع كما نقلنا عن بعضهم ألا ترى انه يجوز أن يقال إسئل الدار وإسئل البلدة وإسئل الرستاق وإسئل المزرعة وإسئل البستان وغير ذلك ومثله إطراد الاسد لذات ثبت له الشجاعة وإن كان من سائر أفراد الحيوان غير الانسان وبالجملة المجاز أيضا بالنسبة إلى ما ثبت نوع العلاقة فيه مطرد ولو كان في صنف ذلك النوع قانون إذا تميز المعنى الحقيقي من المجازي فكلما استعمل اللفظ خاليا عن القرينة فالاصل الحقيقة أعني به الظاهر لان مبنى التفهيم والتفهم على الوضع اللفظي غالبا ولا خلاف لهم في ذلك وأما إذا استعمل لفظ في معنى أو معان لم يعلم وضعه له فهل يحكم بكونه حقيقة فيه أو مجازا أو حقيقة إذا كان واحدا دون المتعدد أو التوقف لان الاستعمال أعم المشهور الاخير وهو المختار لعدم دلالة الاستعمال على الحقيقة والسيد المرتضى رحمة الله عليه على الاول لظهور الاستعمال فيه وهو ممنوع والثاني منقول عن إبن جني وجنح إليه بعض المتأخرين لان أغلب لغة العرب مجازات والظن يلحق الشئ بالاعم الاغلب وهو أيضا ممنوع ولو سلم فمقاومته للظن الحاصل عن الوضع ممنوع والثالث مبني على أن المجاز مستلزم للحقيقة فمع الاتحاد لا يمكن القول بمجازيته وأما مع التعدد فلما كان المجاز خيرا من الاشتراك فيؤثر فيه ويترتب على ذلك لزوم إستعمال إمارات الحقيقة والمجاز في التمييز وحيث لم يتميز فالوقف ورد بمنع إستلزام المجاز للحقيقة بل إنما هو مستلزم للوضع كالرحمن والحقيقة مستلزم للاستعمال وإن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود ثم إعلم أن عدم العلم بالوضع مع العلم بالمستعمل فيه يتصور على وجهين الاول أن يعلم لفظ استعمل في معنى واحد أو في معان متعددة ولم يعلم أنه موضوع لذلك المعنى أو المعاني أم لا فيحتمل عندنا أن يكون المستعمل فيه نفس الموضوع له ويحتمل أن يكون له معنى آخر وضع له ويكون هذا مجازا عنه فلا يعرف فيه الموضوع له أصلا لا معينا ولا غير معين وعلى هذا يترتب القول بكون مبنى القول الثالث على كون المجاز مستلزما للحقيقة لا على الوجه الآتي ولكن ذلك الفرض مع وحدة المستعمل فيه فرض نادر بل لم نقف عليه أصلا والثاني أن يعلم الموضوع له الحقيقي في الجملة وهو يتصور أيضا على وجهين أحدهما إنا نعلم أن له معنى حقيقيا ونعلم أنه استعمل في معنى خاص أيضا ولا نعلم أنه هل هو أو غيره وذلك ________________________________________