[ 17 ] فاي فايدة في هذا الفرق وما الفرق بين المجاز المشتهر إلى ان يفهم منه المعنى مع قطع النظر عن الشهرة وما يتبادر منه المعنى مع ملاحظة الشهرة بل هذا مجرد اصطلاح ولا يثمر ثمرة في الاحكام قلت الفرق واضح فان الحقيقة في الاول مهجورة وفي الثاني غير مهجورة فان قلت إذا كان الحقيقة الاولى محتاجة في الانفهام إلى القرينة فهو ايضا في معنى المهجورة فيصير معنى مجازيا كالصورة الاولى قلت ليس كذلك اما اولا فلان احتياج الحقيقة حينئذ إلى القرينة انما هو لعدم ارادة المعنى المجازي فان دلالة اللفظ على المعنى الحقيقي موقوف على انتفاء قرينة المجاز حقيقة أو حكما ولا شبهة في ذلك فان انفهام الحيوان المفترس من الاسد موقوف على فقدان يرمي مثلا ولما لم يمكن ازالة الشهرة التي هي قرينة في هذا المجاز حقيقة فيكتفى بانتفائها حكما بنصب قرينة تدل على المعنى الحقيقي كما اشار إليه الفاضل المدقق الشيرواني واما ثانيا فلان اللفظ يستعمل في المعنى الحقيقي حينئذ ايضا بلا قرينة غاية الامر حصول الاحتمال فينوب مناب الاشتراك ولا يسقط عن كونه حقيقة ولا يلزم الاشتراك المرجوح ايضا الا ترى ان صاحب المعالم ره مع انه جعل الامر في اخبار الائمة عليهم السلام مجازا راجحا في الندب مساويا للحقيقة من جهة التبادر وعدمه لم يقل بصيرورته مجازا في الوجوب في عرفهم فان الذي يصح ان يحمل كلامه عليه دعوى شيوع استعمال الامر في كلامهم في الندب خاليا عن القرينة وانفهام ارادة الندب من رواية اخرى أو اجماع أو غير ذلك فان كثرة الاستعمال مع القرينة لا يستلزم ما ذكره كما لا يخفى وهو لا ينكر ان الامر في كلامهم (عليهم السلام) ثم ايضا مستعمل في الوجوب بلا قرينة وان علم الوجوب من الخارج ولا يتفاوت الامر حينئذ بين تبادر المجاز الراجح أو حصول التوقف والظاهر ان من يقول بتبادر المجاز الراجح ايضا لا يقول بعدم جواز الاستعمال في اللفظ بلا قرينة غاية الامر توقف الفهم على القرينة ومطلق ذلك التوقف لا يستلزم المجازية ولذلك اختلفوا في مبحث تعارض الاحوال في حكم اللفظ إذا دار الامر بين الحقيقة والمجاز الراجح فقيل بتقديم الحقيقة من جهة رجحان جانب الوضع وقيل بتقديم المجاز الراجح لترجيح جانب الغلبة فان الظن يلحق الشئ بالاعم الاغلب ومثل ما ذكرنا مثل المشترك إذا اشتهر في احد معانيه مثل العين في الباصرة أو هي مع الينبوع أو هي مع الذهب فانه لاريب انه عند اطلاقها ينصرف الذهن إلى احد المذكورات لا إلى غيرها من المعاني ومع ذلك فلا يجوز الاعتماد على هذا الانصراف وبالجملة التبادر مع ملاحظة الشهرة لا يثبت كونها حقيقة ولا يخرج الحقيقة الاولى عن كونها حقيقة فتأمل وافهم واستقم وبالتأمل فيما حققنا تعلم معنى كون تبادر الغير علامة للمجاز الثالث صحة السلب يعرف بها المجاز كما تعرف الحقيقة بعدمها والمعتبر فيه ايضا اصطلاح التخاطب فصحة السلب وعدمها في اصطلاح لا يدل الا على كون ________________________________________