حضارتنا، وهم في سبيل الترويج لبضاعتهم يربطون بين ما يكتبون وبين الأنبياء والقرآن الكريم، ضاربين بذلك على وتر العقيدة والدين في نفوس الناس. n وهل كتاب «الهيروغليفيّة تفسر القرآن الكريم» من هذا النوع؟ l مؤلّف هذا الكتاب ـ والله أعلم ـ رجل مؤمن مهذَّب، وواضح أنّه بذل جهداً كبيراً في تأليف هذا الكتاب، ولكنّه اختار الحروف المقطّعة في بداية بعض سور القرآن الكريم موضوعاً لبحثه، وهو ما اختلف في تفسيره المفسّرون، إلاّ أنّهم أجمعوا على أنّه إعجاز يدخل في علم الله تعالى، وتصدّى المؤلّف لتفسير هذه الحروف، وربطها بمعاني الآيات التي تليها. ولي عليه بعض التعليقات العامّة: أولاً: إنّ منهج التفسير في الكتاب يقوم على افتراض أنّ كلّ حرف من الحروف المقطّعة هو كلمة قائمة بذاتها، مثل (ن) التي يقول: إنّها لابدّ أن تنطق هكذا (نون) وهذا منهج يصعب قبوله. ثانياً: اللّغة المصريّة القديمة غنيّة بالمفردات والمترادفات، إلاّ أنّ هناك في الوقت نفسه كلمات تبدأ بعلامة واحدة، ولكنّها تختلف في «المخصّص» وهو العلامة التي تأتي في نهاية الكلمة لتحدّد معناها (الفم في نهاية الكلمة يدلّ على الطعام والشراب والكلام والفم نفسه) وهذه العلامة لاتنطق مع الكلمة. ثالثاً: القول بأنّ أخناتون هو سيدنا إبراهيم (عليه السلام) قول في منتهى الخطورة; لأنّه لايملك دليلاً مادّياً واحداً عليه، ولأنّ شكل أخناتون وخصائصه وسلوكه لايُوحي بأنّه من الرُّسُل، ثمّ إنّ القيمة الصوتيّة للاسم وهو (أخ إن آتون) أي: المخلص لآتون، بعيدة تماماً عن الاسم «إبراهيم». رابعاً: من القضايا الخطيرة التي طرحها المؤلّف أيضاً: أنّ آدم (عليه السلام) عندما نزل إلى الأرض كان يتحدّث هو وزوجته حوّاء اللغة المصريّة القديمة! وهذا الكلام من الصعب أن يتقبّله أحد; لأنّه بلا دليل، وجاء من غير متخصّص، يعترف بأنّه درس اللغة المصريّة دراسةً حرّة لإشباع هواية خاصّة.