نفس الاستجابة التي تطلقها رؤية الحليب عند الطفل. وقد يحصل تارة أُخرى بصورة متعمدة، كما إذا نطقنا بلفظة حليب في كل مرة قدمنا فيها الحليب إلى الطفل فيربط ذهنه بين الكلمة والشيء. فإذا تم هذا قلنا بأنه: لا يمكن أن نشك في حدوث الاقتران الطبيعي بالمنبهات الطبيعية ـ وما أكثرها ـ خلال حياة الإنسان، وذلك مما يمنحه القدرة على التفكير المجرد ـ لو سرنا مع بافلوف ونظريته ـ. ولما كان على الإنسان أن يعيش في حالة اجتماعية فقد تطلب ذلك منه أن ينقل أفكاره للآخرين ويتفهم أفكارهم، وكانت هذه الحاجة هي التي دفعته لأن يستعمل اللغة في ذلك. ومن هنا كانت اللغة برقيها موجودة في حياته دون سائر أنواع الحيوان. وقد تعلم الإنسان هذا الأسلوب مما حدث بفعل الطبيعة أو بالمصادفة ـ من اقتران بعض الأصوات ببعض المنبهات الطبيعية وحصولها بالتالي على خصائص المنبهات الطبيعية من حيث أحداث استجابات شبيهة باستجاباتها. وهنا تدخل التفكير الإنساني ليستفيد من ذلك على نطاق أوسع. نتيجة البحث: إننا على ضوء ذلك نستنتج: أ ـ إنّ امتلاك الإنسان لقدرة التفكير ـ أول الأمر ـ أعطاه القدرة على أن يتخلص من أسر التأثر بما يحس فقط، بل يرتفع على الواقع المحسوس ويشرف عليه ويطلع على بعض نقائصه، ويعمل على تغييره، فإذا غيره يكون قد غير من إحساساته نفسها. هذا في حين أن الحيوانات الأُخرى لم يمكنها تغيير الواقع، فلم نسمع بتغير اجتماعي في مجتمع الغزلان مثلا لأنها أسيرة الادراكات الناتجة من الواقع المحسوس لا غير. ب ـ إن تغيير الواقع أمر يتطلب ـ في الغالب ـ الجهود الكثيرة التي لا يمكن أن تبذل إلاّ من قبل جماعة من الأفراد ولذا فإن ذلك يوجد علاقات خاصة بين هؤلاء. ج ـ وإذا دخل هؤلاء في عملية مشتركة لتغيير الواقع تحصل الحاجة حينذاك إلى