الدراسات الإسلامية تحليل وتحديد علمي دقيق يمكن اعتماده رغم أهمية هذه الكلمة، ودورها الواسع في شبكة العلاقات الإلهية والإنسانية في الإسلام. وسوف نحاول أن نقوم بتقديم تحديد علمي ينطوي على بحث تحليلي لهذه الكلمة من خلال الأوليات التي نعرفها بين أيدينا لهذه الكلمة، ومن خلال المفهوم اللغوي والمصطلح الشرعي الإجمالي الذي يتبادر إلى الذهن من هذه الكلمة. وفيما يلي نستعرض طائفةً من كلمات المفسّرين في معنى «النصح» لنستطيع بعد ذلك ـ وفي ضوئها وضوء ما تقدّم من كلمات أهل اللغة ـ إعطاء صورة دقيقة تحليلية لهذه الكلمة. يقول الراغب الإصفهاني في مادة «النصح» من كتابه القيّم «المفردات»: «النصح: تحرّي فعل أو قول فيه صلاح صاحب... وهو من قولهم: نَصَحْتُ له الودَّ: أي أخْلَصتُهُ، وناصِحُ العَسَلِ: خالصُهُ، أو من قولهم: نَصَحْتُ الجِلْدَ: خِطْتُهُ، والناصِحُ: الخَيَّاط، وقوله: (تُوبُوا إلى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً) فمن أحد هذين: إمّا الإخْلاص وإمّا الإِحكام»[688]. وقال قاضي القضاة أبي السعود المتوفّى سنة (951 هـ) في تفسيره: «النصح: كلمة جامعة لكلّ ما يدور عليه الخير من قول أو فعل، وحقيقته: إمحاض إرادة الخير، والدلالة عليه، ونقيضه: الغشّ»[689]. وقال الزمخشري في الكشّاف: «يقال: نصحتُهُ، ونصحتُ له. وفي زيادة اللام مبالغة ودلالة على إمحاض النصيحة وأنّها وقعت خالصة للمنصوح له، مقصوداً بها جانبه لا غير»[690].