شورى بين جميع أفراد الأُمة، فتعيّن أن يكون شورى بين جماعة تمثّل الأُمة... وما هؤلاء إلاّ أهل الحلّ والعقد الذين تكرّر ذكرهم»[608]. ويقول صاحب المنار: «ويجب على الحُكّام الحكم بما يقرّره أُولو الأمر ـ أصحاب الشورى ـ وتنفيذه»[609]. ويبالغ الشيخ في إعطاء مثل هذه القيمة الشرعية للشورى حتّى أنّه يعتقد أنّ قوله تعالى في آية الشورى من سورة آل عمران: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ)لا ينافي الالتزام الدقيق بنتيجة الشورى، وبناءً عليه فإنّ معنى الآية تكون كما يقول: «فإذا عزمت بعد المشاورة في الأمر على إمضاء ما ترجّحه الشورى، وأعددت له عدّته، فتوكّل على الله في إمضائه، وكن واثقاً بتأييده ومعونته»[610]. ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان في كتابه «رياسة الدولة في الفقه الإسلامي»: «ولهذا فإنّا نميل إلى أقامة الصلة الوثيقة بين آراء مجالس الشورى... وبين رأي الإمام، فيجب أن يكون خاضعاً لرأي الأكثرية من المشيرين»[611]. ويقول الاستاذ عبد الرحمان عبد الخالق بهذا الصدد: «وعلم يقيناً بالأدلّة الصريحة أنّ من مقتضيات حكم الشورى في الإسلام الأخذ برأي الأغلبية المستشارة، و «المستشار مؤتمن» كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمن تستأمنهم الأُمة وتولّيهم مهمة النظر في أمرها، وتصريف سياستها، يجب على الحاكم المسلم أن ينفّذ ما أجمعوا عليه، ويجب أيضاً أن يكون رأي أغلبيتهم هو الرأي الراجح الذي يجب الأخذ به. وليس هذا النظام نظاماً من صنع الغرب، ومن اخترع الديمقراطية كما ادّعى المدّعون، ولكنّه نظام إسلامي خاصّ، انتقل من حضارتنا إلى حضارة