ما، انسلخ عنه مرة واحدة، وليس من حقّه بعد أن يجب البيع أن يراجع المشتري فيما باع، وعليه أن ينتزع نفسه عنه انتزاعاً كاملا، وكذلك الأمر عندما يبيع الإنسان نفسه وماله لله تعالى، في مقابل الجنة، فليس من حقّه أن يتردّد أو يتراجع، وليس من شأن الإنسان الذي يبيع نفسه وماله لله تعالى أن يحنّ إلى الذي باعه لله تعالى. فالبيعة إذا تعبّر عن التخلّي الكامل عن الأنفس والأموال، وتسليم الأمر كلّه لله تعالى، وهذه هي حقيقة حالة التعهد الكامل بالطاعة والانقياد التي تتضمّنه (البيعة). البيعة في سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نلتقي بعدد من البيعات، تبدء هذه البيعات ببيعة العقبة الاُولى، وتنتهي ببيعة (الغدير). وبمراجعة دقيقة لهذه البيعات في سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نستطيع أن نجد ثلاثة أنواع من البيعة: 1 ـ بيعة الدعوة. 2 ـ بيعة الجهاد. 3 ـ بيعة الإمرة والولاية. وكلّ من هذه البيعات بمعنى الطاعة والالتزام بالانقياد لله ولرسوله، ولكن طبيعة هذه البيعات الثلاثة تختلف عن بعض، فإنّ بيعة الدعوة هي التعهّد بحمل الدعوة، والصبر في مواجهة تحدّيات الجاهلية. وبيعة الجهاد هي التعهّد بالطاعة للأوامر العسكرية، والصبر على مرّ القتال. وبيعة الإمرة هي التعهّد بقبول الإمارة والولاية، والاعتراف لصاحبها بحقّ الطاعة. 1 ـ بيعة الدعوة وهي في سيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بيعة العقبة الاُولى، وننقل النصّ التاريخي لهذه البيعة من سيرة ابن إسحاق باختزال.