أو همّوا بوضع آخر، ليصلحوا من البيت العتيق بعض ما اقتلع السيل، أو أكلت النار. * * * وأثبتهم الوجوم[58]، جمّدهم كأصنام. فكما هابوا الهدم، هابوا أيضاً البناء. وحين غلبهم الصمت على الكلام، وخرست الأفهام، وتبدّد الرأي هباء، انبرى لهم الوليد بن المغيرة المخزومي[59]، يحاول أن يحرّرهم ممّا غدوا فيه. أن يرجّ أخلادهم الآسنة[60]، أن يكسر الطوق الحديدي الأخرس الذي حبسهم فيه الخوف. * * * وأقبل عليهم، في هدوء وثقة يسأل: أتريدون بهدم الكعبة الإصلاح، أم الإساءة تريدون؟ قالوا مذهولين: بل نريد الإصلاح. قال: فإنّ الله لا يهلك المصلحين. فسألوه: ومن الذي يعلوها، فيهدمها؟ فأجاب في اطمئنان: أنا. وتناول على الأثر معولاً راح يضرب به في البنيان[61].