وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فأولئك الألى جمعتهم به الرحم، وربطهم الدم، ونماهم وإيّاه أصل واحد يمتدّ ـ وراءً ـ إلى إبراهيم. كانوا هم الذين بادروا ـ عزّة بالإثم ـ فغرسوا في مواطئ قدميه الأشواك، سدّوا الطريق الذي يقودهم عليه إلى الإيمان بجنادل وصخور مسنّنة الأطراف والسطوح كالحراب، حامية الملامس كأنّها مقدودة من عذاب، شنّوها على الدعوة حرباً شعواء لا يفتر لنارها وطيس، ولا يخرس حسيس. ولم تكن تخشاهم عليه من عنفوان قوة، ولا من صلابة عزم، ولا من حماسة جسارة، ولا من ختل دهاء، لا ... فكلّ أسلحتهم هذه مفلولة، وما لهم به في مضاميرها ـ وبكلّ المقاييس ـ قِبَل ولا طاقة. إنّها أعلم به ... وإنّه لأعلم بنفسه أين يضع منهم قدمه، ومتى يهزّ في وجوههم بنانه، فهو أرسخ جناناً، وأشدّ بأساً، وأحمز[372] صراعاً، وأصلب إرادةً، وأصفى ذهناً، وأبلغ نكراً، وأوسع حيلةً. لكنّها خافت عليه منهم العنف، وطول اللجاج، وضيق الأُفق، وسدورهم في عنادهم الأهوج إلى أقصى آماده، خافت عليه كفرهم أن يعرقل مسيرته بهم إلى الهداية، خافت عليه من عنتهم غلوّهم في شقاقه. وكانت تدرك إلى أيّ مدى سينبذونه كلمة الحقّ، ويطرحون وراء أظهرهم صدق المنطق، ويلتوون بأفهامهم عن سلامة الفطرة إلى الزيغ والعنت والغواية. فالزيغ غدا لهم ديدناً وعادة، والغواية مبدأً وغاية، والعنت طبيعةً وشيمة. أمّا العناد المتجنّي فإصرار على الباطل، وهو آفة التفكير، وهو انطماس الأفئدة والعقول. ومن وراء هذا كلّه كانت تملي لهم في غيّهم تراثات ضخمة من الجهالة، وأرصدة فاحشة من الضلال، ضاربة في أعماق ماضيّهم إلى أبعد الأغوار، لا تني تمدّهم بصيِّب[373]