لوصيّه سام، فما وفت أُمّته; ولقد خرج إبراهيم من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيّه إسماعيل، فما وفت أُمّته; ولقد خرج موسى من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيّه يوشع بن نون، فما وفت أُمّته; ولقد رُفع عيسى بن مريم إلى السماء وقد عاهد قومه على الوفاء لوصيّه شمعون بن حمّون الصفا، فما وفت أُمّته...».[141] 100 ـ قيس مولى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: إنّ عليًّا أمير المؤمنين (عليه السلام) كان قريباً من الجبل بصفّين، فحضرت صلاة المغرب، فأمعن بعيداً، ثمّ أذّن. فلمّا فرغ من أذانه، إذا رجلٌ مقبلٌ نحو الجبل، أبيض الرأس واللحية والوجه. فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. مرحباً بوصيّ خاتم النبيّين وقائد الغرّ المحجّلين والأغرّ المأمون والفاضل الفائز بثواب الصدّيقين وسيّد الوصيّين. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): «وعليك السلام. كيف حالك»؟ فقال: بخير. أنا منتظر روح القدس، ولا أعلم أحداً أعظم في الله عزّ وجلّ اسمه بلاءً ولا أحسن ثواباً منك، ولا أرفع عند الله مكاناً. اصبر ـ يا أخي ـ على ما أنت فيه، حتّى تلقى الحبيب. فقد رأيت أصحابنا ما لقوا بالأمس من بني إسرائيل، نشروهم بالمناشير وحملوهم على الخشب. ولو تعلم هذه الوجوه التربة الشائهة ـ وأومأ بيده إلى أهل الشام ـ ما أُعدّ لهم في قتالك من عذاب وسوء نكال، لأقصروا. ولو تعلم هذه الوجوه المبيضّة ـ وأومأ بيده إلى أهل العراق ـ ماذا لهم من الثواب في طاعتك، لودّت أنّها قرّضت بالمقاريض، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. ثمّ غاب من موضعه، فقام عمّارٌ بن ياسر وأبو الهيثم بن التيهان وأبو أيّوب الأنصاريّ وعبادة بن الصامت وخزيمة بن ثابت وهاشم المرقال في جماعة من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد كانوا سمعوا كلام الرجل، فقالوا: يا أمير المؤمنين، مَن هذا الرجل؟ فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): «هذا شمعون وصيّ عيسى (عليه السلام)، بعثه الله يصبّرني على قتال أعدائه». فقالوا له: فداك آباؤنا وأمّهاتنا; والله لننصرنّك نصرنا