والمسلمين، لم يكن سجل مثله منذ بدأ الخلاف بين الطائفتين إلى اليوم». كما علق الشيخ القمي على اقتران هذه الخطوة العلمية في الأزهر بفتوى الشيخ شلتوت بجواز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية بأن هذه الفتوى كانت ثمرة يانعة من ثمار التقريب، صدرت من رجل عظيم ذي مركز خطير في الإسلام اعتنق الفكرة من أول يوم وأيدها بقلمه وعلمه ومشكور سعيه في كل مناسبة». ولم يكن موقف الشيخ شلتوت من حركة التقريب فورة عاطفية أو مجاملة لصديقه الشيخ القمي أو صديقه الآخر الشيخ البروجردي، وإنّما كان موقفا عقليا نابعا من اقتناعه الذاتي لضرورة التقريب بين المسلمين وكان على حد ما قال بالحرف – منهجا قويما وإيماناً راسخا تجلى في تفسيره للقرآن الكريم الذي استمر ينشره في مجلة رسالة الإسلام التي تصدرها حركة التقريب. قال: «لقد آمنت بفكرة التقريب كمنهج قويم، وأسهمت منذ أول يوم في جماعتها وفي وجوه نشاط دارها بأمور كثيرة كان منها تلك الفصول المتتابعة في تفسير القرآن الكريم التي ظلت تنشرها مجلتها (رسالة الإسلام) قرابة أربعة عشر عاماً، حتى اكتملت كتابا سوياً، أعتقد أنه تضمن أعز أفكاري، وأخلد آثاري، وأعظم ما أرجو به ثواب ربي، فان خير ما يحتسبه المؤمن عند الله هو ما ينفقه من الجهة الخالص في خدمة كتاب الله . وقد كانت الدعامة الأساسية التي يقوم عليها منهج الشيخ شلتوت في تفسيره هي: التحرر من التأثر بالعصبيات المذهبية على خلاف ما درج عليه أصحاب المذاهب من تحميل القرآن الكريم لمذاهبهم وتطويع الآيات القرآنية لتؤيد اتجاهاتهم. قال الشيخ شلتوت: «حدثت بدعة الفرق والتطاحن المذهبي والتشاحن الطائفي وأخذ أرباب المذاهب وحملوا رايات الفرق المختلفة يتنافسون في العصبيات المذهبية والسياسية. وامتدت أيديهم إلى القرآن فأخذوا يوجهون العقول في فهمه وجهات تتفق وما يريدون» . ويقودنا البحث بطبيعة الحال إلى سر تفاعل الشيخ شلتوت وانعطافه بهذه الدرجة مع حركة التقريب وتأييده لها، ونرى أسباب ذلك في عدة عوامل: