العناوين الثانوية، وما يعالج به حكم لا من سنخ المعالَج، ولو جعلناه في عرض الحكمين لزم انخرام توحيد التقنين والتشريع. الثانية: إنّ حكم الحاكم لمّا كان نابعاً عن المصالح العامّة وصيانة القوانين الإسلامية لا يخرج حكمه عن إطار الأحكام الأوّلية والثانوية، ولأجل ذلك قلنا إنّه يعالج التزاحم فيها، في ظلّ العناوين الثانوية. وبالجملة الفقيه الحاكم بفضل الولاية الالهية يرفع جميع المشاكل الماثلة في حياتنا، فإنّ العناوين الثانوية التي تلوناها عليك أدوات بيد الفقيه يسد بها كل فراغ حاصل في المجتمع، وهي في الوقت نفسه تغير الصغريات ولا تمس كرامة الكبريات. ولأجل توضيح المقام، نأتي بأمثلة نبين فيها مدخلية المصالح الزمانية والمكانية في حكم الحاكم وراء دخالتهما في فتوى المفتي. الأول: لا شكّ أنّ تقوية الإسلام والمسلمين من الوظائف الهامّة، وتضعيف وكسر شوكتهم من المحرّمات الموبقة، هذا من جانب، ومن جانب آخر أنّ بيع وشراء التنباك أمر محلّل في الشرع، والحكمان من الأحكام الأوّلية ولم يكن أي تزاحم بينهما إلا في فترة خاصة عندما أعطى الحاكم العرفي امتيازاً للشركة الأجنبية، فصار بيعه وشراؤه بيدها، ولمّا أحسّ الحاكم الشرعي آنذاك – السيد الميرزا الشيرازي(قدس سره) – انّ استعماله يوجب انشباب أظفار الكفّار على هيكل المجتمع الإسلامي، حكم(قدس سره) بأنّ استعماله بجميع أنواع الاستعمال كمحاربة ولي العصر(عليه السلام) ([99]) فلم يكن حكمه نابعاً إلا من تقديم الأهمّ على المهمّ أو من نظائره، ولم يكن الهدف من الحكم إلا بيان أنّ المورد من صغريات حفظ مصالح الإسلام واستقلال البلاد، ولا يحصل إلا بترك استعمال التنباك بيعاً وشراءً وتدخيناً وغيرها، فاضطرت الشركة حينئذ إلى فسخ العقد. الثاني: إنّ حفظ النفوس من الأمور الواجبة، وتسلّط الناس على أموالهم وحرمة التصرف في أموالهم أمر مسلّم في الإسلام أيضاً، إلا أنّه على سبيل المثال ربّما يتوقف فتح الشوارع في داخل البلاد وخارجها على التصرف في الاراضي والأملاك،