الزمان الثاني دون الأول، وبذلك يتضح حال الفقر والغنى، فربّ غني بالأمس فقير اليوم. ـ كما أنّ نفقة الزوجة في السابق كانت منحصرة في الملبس والمأكل والمسكن، وأمّا اليوم فقد ازدادت حاجاتها على نحو لو لم يقم الرجل ببعض تلك الحاجات يعد عمله بخساً لحقها، وامتناعاً من بذل نفقتها. ـ إنّ المثلي والقيمي والمكيل والموزون موضوعات للأحكام الشرعية، مثلاً: لا تجوز معاوضة المتماثلين إذا كان مكيلاً أو موزوناً إلا بمثله قدراً ووزناً، دون المعدود والموزون، فيجوز تبديلهما بأكثر منهما فالمثلي يضمن بالمثلي، والقيمي بالقيمي، وقد عرِّف المثلي بكثرة المماثل، والقيمي بقلّته، ولذلك عُدت الثياب والأواني من القيميات، لكن صارا اليوم بفضل الصناعة الحديثة، مثليين. ثمّ إنّ المتبع في كون شيء مكيلاً أو موزوناً أو معدوداً هو عرف البلد الذي يتعامل فيه وهو يختلف حسب اختلاف الزمان والمكان. وبذلك اتضح انّ عنصري الزمان والمكان يؤثران في صدق المفاهيم في زمان دون زمان. الثاني: تأثيرهما في تغير الحكم بتغير مناطه لا شكّ انّ الأحكام الشرعية تابعة للملاكات والمصالح والمفاسد، فربما يكون مناط الحكم مجهولاً ومبهماً، وأخرى يكون معلوماً بتصريح من قبل الشارع، والقسم الأول خارج عن محلّ البحث، وأمّا القسم الثاني فالحكم دائر مدار مناطه وملاكه. فلو كان المناط باقياً فالحكم ثابت، وأمّا إذا تغير المناط حسب تغير الظروف فيتغير الحكم قطعاً، مثلاً: 1ـ لا خلاف في حرمة بيع الدم بملاك عدم وجود منفعة محلّلة فيه، ولم يزل حكم الدم كذلك حتى اكتشف العلم له منفعة محلّلة تقوم عليها رحى الحياة، وأصبح التبرع بالدم إلى المرضى كإهداء الحياة لهم، وبذلك حاز الدم على ملاك آخر فحلّ بيعه وشراؤه.([59])