الأحوال المدنية من كلّ ما له صلة بشؤون الدنيا وحاجات التجارة والاقتصاد وتغير الأحكام فيها في حدود المبدأ الشرعي، وهو إحقاق الحق وجلب المصالح ودرء المفاسد. أمّا الأحكام التعبدية والمقدرات الشرعية وأصول الشريعة الدائمة، فلا تقبل التبديل مطلقاً، مهما تبدل المكان وتغير الزمان، كحرمة المحارم، ووجوب التراضي في العقود، وضمان الضرر الذي يلحقه الإنسان بغيره، وسريان اقراره على نفسه، وعدم مؤاخذة بريء بذنب غيره.([48]) نعم، نقل تقديم بعض الأحكام الاجتهادية على النص عن أحمد بن أدريس المالكي، ونجم الدين أبو ربيع المعروف بالطوفي، وبما انّا لم نقف على نصوص كلامهم نتوقف عن القضاء في حقهم. وعلى أي تقدير يجب على من يقول بتأثير العاملين على استنباط الحكم الشرعي أن يحددهما بشكل لا تمس الأصلين المتقدمين أي نحترز أولاً عن تشريع الحكم، وثانياً عن مس كرامة تأييد الأحكام، وعلى ذلك فلا فرق بين الأحكام الاجتهادية والمنصوصة إذا كان الأصلان محفوظين. الثالث: انّ المراد من تأثير الزمان والمكان على الاستنباط، هو أن يكون تغير الوضع موجباً لتبدل الحكم من دون أن يكون في النص إشارة إلى هذا النوع من التغيير، وإلاّ فلو كان التشريع الأول متضمناً لتغير الحكم في الزمان الثاني فهو خارج عن موضوع بحثنا وإن كان يمكن الاستئناس به، وعلى ذلك تخرج الموارد التالية عن موضوع البحث. أ: اختلاف الحكم الشرعي في دار الحرب مع غيرها، مثلاً لو ارتكب المسلم فعلاً يستتبع الحد فلا يقام عليه في دار الحرب، بخلاف ما لو كان في دار الإسلام. قال أمير المؤمنين(عليه السلام): “لا يقام على أحد حدّ بدار العدو ”.([49]) ب: من زنى في شهر رمضان نهاراً كان أو ليلاً عوقب على الحد لانتهاكه الحرمة، وكذا لو كان في مكان شريف أو زمان شريف.([50])