(لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قيل: اليهود والنصارى؟ قال: فمن إذن؟)([1]) ولله الأمر من قبل وبعد. لقد ترتب على هذه الازدواجية أن أصبح الجيل الحاضر من شباب المسلمين أحد فريقين: * الفريق الأول: يعتقد أن الإسلام دين عبادات فحسب، وأن المعاملات وشؤون الحياة تنظمها هذه القوانين الوضعية الدخيلة، وهي وحدها الكفيلة بتنظيمها وتقنينها، وهذا المفهوم العكسي للإسلام وروحه ونصه ناتج عن الغزو الاجنبي لبلادنا، وسيادة قوانينه وأوضاعه على حياتنا. * والفريق الثاني: وهو المتمثل في شباب الصحوة الإسلامية، والذي ساعدته ظروفه على الإلمام بالثقافة الإسلامية، والتعرف على روح الإسلام ومقاصده، وهذا الفريق هو الذي يؤمن بأن الإسلام دين ودنيا، حكم ونظام، سلوك وقدوة، وهذا الفريق من الشباب هو أمل المسلمين وعدتهم في مستقبل الإسلام، وعودته نقياً صافياً كما كان وكما أنزل، وأنه يجب أن يسود حياتنا في البيت والمدرسة والجيش والشارع والمحكمة وفي السلم والحرب وفي سائر ظروف الحياة وبالتالي هو قدرنا وحياتنا وهويتنا. تحرير الإسلام للعقل البشري لقد رفع الإسلام عن العقل البشري الحجر والوصاية التي فرضت عليه أزماناً واحقاباً، وأطلقه من اساره وقيوده التي اصطنعها الجاهلون والغاوون، وسرحه من جور التقليد والتقييد إلى عدل الإسلام وحريته، وحرض الإسلام بمختلف صنوف التحريض على التفكير، والتأمل والنظر، واستيعاب عجائب هذا الكون الذي يحيطه به، وحمل العقل المسلم هذه الأمانة إلى البشرية كلها، فتجرت بفضل ذلك ينابيع العلوم والفنون والادراك والاجتهاد الذي يعتبر في عرف الإسلام إطلاقاً لقوى العقل، وجعل ذلك كله ديناً، فوحد بين حقيقتين ظلتا على مدى الزمن في خصومة