والمخاطب بالاجتهاد والتجديد اهله وهم العلماء دون العامة، فإذا نزلت بالعالم نازلة، وجب عليه طلبها في النصوص والظواهر في منطوقها إلى مفهومها وفي افعال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، واقراره وفي اجماع علماء الأمصار. فإن وجد في شيء من ذلك ما يدل عليه قضى به وإن لم يجد طلبه في الأُصول والقياس عليها وبدأ في طلب الصلة بالنص. فإن وجد التعليل منصوصاً عليه عمل به، فإن لم يجد في النص، عدل إلى المفهوم. فإن لم يجد نظر في الأوصاف المؤثرة في ذلك الحكم. والاجتهاد في حق العلماء على ثلاثة أضرب: الأول: (فرض عين) ويكون في حالتين: 1ـ اجتهاد المجتهد في حق نفسه، فيما نزل به؛ لأن العالم لا يجوز أن يقلد في حقه ولا في حق غيره. 2ـ اجتهاد فيما تعين عليه الحكم فيه. فإذا ضاق وقت الحادثة، كان فرضها على الفور وإن اتسع وقتها كان فرضها على التراخي. الثاني: (فرض كفاية) ويكون في حالتين: 1ـ في حق المستفتي إذا نزلت به حادثة فاستفتى أحد العلماء، كان فرضها متوجهاً على جميعهم وأخصهم بفرضها من خص بالسؤال عنها، فإن أجاب هو عنها او غيره سقط فرضه عن جميعهم، فإن أمسكوا مع ظهور الصواب لهم أثموا وإن أمسكوا مع التباسه عليهم عذروا. 2ـ أن يتردد الحكم بين قاضيين مشتركين في النظر، فيكون فرض الاجتهاد مشتركاً بينهما، فأيهما انفرد بالحكم سقط فرضه عنهما. الثالث: (الندب) ويكون في حالتين: 1ـ فيما يجتهد فيه الحاكم من غير النوازل ليسبق إلى معرفة حكمه قبل نزوله. 2ـ أن يستفتيه سائل قبل نزولها به. فيكون الاجتهاد في الحالتين ندباً. ([36])