والتناقض بين كثير من الأحكام من هذا الطريق، ومنها رفع التضاد بين الأَحكام الواقعية والظاهرية كما مر. ومن هذا المنطلق يدخلون في علاج التعارض بين الأدلة والأصول، فوضعوا مصطلحات: التخصيص – وهو مصطلح عام – والتخصّص، والحكومة والورود، فإن الأدلة والأصول المتعارضة ليست على طراز واحد بل على أشكال متفاوتة في نسبة بعضها إلى بعض، وأعتقد أن أعمق المسائل الأصولية، وأشدّها غموضا هو معرفة إجراء هذه المصطلحات في مجاريها المقرّرة وعدم الخطأ فيها. وأما الأحكام الولائية فهي مايحكم بها الإمام القائد العام، المعبر عنه بـ(ولي أمر المسلمين) وهو ما اصطلح عليه المسلمون عموما، مع فارق بينهم في المصاديق، فعند الجمهور كل من تصدّى للحكم واتـّفق عليه الناس فهو ولي الأمر، بشروط عند بعضهم، وعند أتباع آل البيت هذا المنصب خاص بأشخاص معيّنين من آل البيت، وهم الأئمة الإثني عشر، ثم من ينوب عنهم من الفقهاء العدول الجامعين للشرائط. وهذه الأحكام كثير منها من قبيل الأحكام الثانوية حيث عرضت عارضة توجب تغيير الأحكام الأولية، وقسم كبير منها مفوّض إلى وليّ الأمر بما يراه من المصالح العامة للمسلمين فيحكم ويصدر لما لا حكم له فيه من المباحات (ويعبّر عنها العلامة الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رحمه الله) بمنطقة الفراغ حكما جديدا لا يوجد فيما شرعه الله. وهذا ما اشتهر بـ(ولاية الفقيه) التي كان الإمام الخميني رضي الله عنه يعوّل عليها كثيرا في أحكامه وآراءه، وكان يقول إن هذه الولاية في نفسها من الأحكام الأولية، لكن مايحكم به الولي الفقيه استنادا إلى هذه الولاية هي من الأحكام الثانوية، أو كما شاع التعبير عنها من (الأحكام الولائية). وفي ذيل باب التعارض – كما سبق – باب بعنوان (التزاحم) وهذا يرجع إلى ملاحظة المصالح وملاكات الأحكام والترجيح بينها، وترجيح الأهم على المهم، وهذا المبحث مصيره إلى بحث (مقاصد الشريعة)وإلى استنباط وجه الشبه في الأقيسة