ـ(333)ـ حرية الرأي في الصدر الأول للإسلام كان غير المسلمين في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ سواء كانوا أهل كتاب ام كفارا يتمتعون بكامل حريتهم في التفكير وفي إبداء وجهات نظرهم وآرائهم دون ضغط أو إكراه، وكان ـ صلى الله عليه وآله ـ يستمع إلى تلك الآراء سواء كانت اقتراحات أو اعتراضات ام مجرد رأي، فحينما دعا بعضهم إلى الإسلام أجابه أبو صلوبا الفطيوني:(يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية فنتبعك لها). وقال لـه رافع بن حريملة ووهب بن زيد:(يا محمد ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرأه، وفجر لنا انهاراً نتبعك ونصدقك)(1). وقال لـه بعض رؤساء اليهود في موقف آخر:(أتريد منا يا محمد ان نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم). فأجابهم ـ صلى الله عليه وآله ـ برفق وهدوء:(معاذ الله أن أعبد غير الله، أو آمر بعبادة غيره)(2). وفي جلسة ضمت رؤساء اليهود والنصارى، دعا فيه الرؤساء رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ باتباعهم على دينهم، فقال لـه رؤساء اليهود:(ما الهدى إلا ما نحن عليه فاتبعنا يا محمد تهتدي)، وقالت النصارى مثل ذلك، فأنزل الله تعالى: ?وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ?(3)(4). _________________________________ 1 ـ السيرة النبوية لابن هشام 2: 196 ـ 197. 2 ـ المصر نفسه 2: 202. 3 ـ سورة البقرة: 135. 4 ـ السيرة النبوية لابن هشام 2: 198.