ـ(55)ـ أنه يعطي ـ في هذه الحالة ـ للقانون بعدا ومعنى جديدين، ويدخل في حسابه النمو المعنوي للإنسان المؤمن بالمعاد. إما رغبة في الثواب، وإما رهبة من العذاب، إلى غير ذلك من العطاء. العنصر الرابع: عدالة الله في التكوين والتشريع. لمّا رأينا كيف ينعكس الإيمان بالمعاد على حياة الإنسان، نرى أيضا انعكاس الإيمان بعدالة الله في التكوين والتشريع على هذه الحياة تماماً. لأن الإنسان الذي يؤمن بأن الكون كله يقوم على العدل في التكوين ـ بناء على عدالة الله ـ، وأن التشريع الإلهي تشريع يستجيب لمقتضيات العدل، هذا الإنسان المؤمن يجد انسجاما رائعاً بين فطرته(التي تأمره بالعدل) والكون والتشريع القائمين على الأساس نفسه. إذ ذاك يسير متوازن الشخصية، لا يفكر في الظلم ولا يقبله، بل يعمل بكل جهده على إشاعة العدل والقسط في شؤونه الفردية والاجتماعية. العنصر الخامس وهو عنصر لزوم(الإمامة) المستمرة للطاهرين الواعين للشريعة الذين يشكلون الواجهة المتميزة والطليعة الرسالية للصورة الإسلامية الصرفة والاقتداء بعملهم الذي دفع الثورة الإنسانية التي أعلنها الإسلام في المسيرة الحياتية. فهم العنصر الرئيس في تربية الأمة باستمرار، والوقوف في وجه عقبات المسيرة دائماً لتجاوزها، والأمة دائماً تؤم الكمال تحت مثل هذه القيادة الرشيدة لتضمن الوصول إلى غايتها. العنصر السادس في النظرة الكونية هو: كرامة الإنسان وحريته، مع مسؤوليته أمام الله تعالى. إن الإسلام يرى في الإنسان نوازع فطرية خيّرة تكون عامل خير في صلاحه، خاصة شعوره بالكرامة. وقد أكد الإسلام هذه النزعة الفطرية، وأشعر الإنسان بأنه أكرم مخلوق خلقه الله كحقيقة صادقة يحسها الإنسان، وأنه مفضل بالعقل والإرادة الحرة، فعيّن لـه سبيلا وتشريعاً يسير فيه بإرادته، فهو صاحب المسؤولية في تحقيق الأهداف