ـ(547)ـ من أمره وعلى بصيرةٍ ثابتة ويقين ممّا جاءه؛ وإلى هذا تشير عدّة روايات وردت عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام. فعن زرارة أنّه سأل الإمام الصادق عليه السلام: "كيف لم يخف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فيما يأتيه من قبل الله أنّ يكون ممّا ينزغ به الشيطان؟ فقال: إنّ الله إذا اتّخذ عبداً رسولاً أنزل عليه السكينة والوقار، فكان الذي يأتيه من قبل الله مثل الذي يراه بعينه"(1). وقد روي أنّ أبا عبدالله عليه السلام سئل: "كيف علمت الرسل أنّها رسل؟ قال: كشف عنها الغطاء"(2). وروي أنّ الباقر عليه السلام سئل: "كيف يعلم أنّ الذي رأى في النوم حقّ وأنّه من الملَك؟ قال: يُوفَّق لذلك حتّى يعرفه"(3). وقال الشيخ الطبرسي: "إنّ الله لا يوحي إلى رسوله إلاّ بالبراهين النيّرة والآيات البيّنة الدالة على أنّ ما يوحى إليه إنّما هو من الله تعالى، فلا يحتاج إلى شيء سواها ولا يفزع ولا يفزّع ولا يفرق"(4). وقال عياض: "لا يصحّ أنّ يتصوّر لـه الشيطان في صورة الملك ويلبّس عليه الأمر، لا في أول الرسالة ولا بعدها، والاعتماد في ذلك على دليل المعجزة، بل لا يشكّ النبيّ أنّ ما يأتيه من الله هو الملك، ورسوله الحقيقي، إمّا ضروري يخلقه الله لـه، أو ببرهانٍ جلي يظهره الله لديه، لتتمّ كلمة ربك صدقاً وعدلاً لا مبدّل لكلمات الله"(5). وبناءً عليه فإنّ النصوص الواردة في بدء الوحي وأنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يميّز الحالة التي هو _______________________________________ 1 ـ بحار الأنوار 18: 262، المجلسي، التمهيد في علوم القرآن 1: 75، معرفة. 2 ـ بحار الأنوار 11: 56، المجلسي، التمهيد في علوم القرآن 1: 75، معرفة. 3 ـ الكافي 1: 177، الكليني. 4 ـ مجمع البيان 10: 384، الطبرسي، التمهيد في علوم القرآن 1: 75، معرفة. 5 ـ التمهيد في علوم القرآن 1: 76، معرفة.