ـ(545)ـ يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّه عليّ فيفصم عنّي وقد وعيت عنه ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً، فيكلّمني فأعي ما يقول وهو أهونه عليّ(1). وعن عبدالله بن عمر قال: سألت النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقلت: يا رسول الله هل تحسّ بالوحي؟ فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: نعم، أسمع صلاصل ثمّ اسكت عند ذلك، فما من مرّة يوحى إليّ إلاّ ظننت أنّ نفسي تفيض(2). وفي روايات أُخرى أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا أُوحي إليه يأخذه شبه السبات(3)، وأنّه إذا أُوحي إليه غشيته السكينة ونكس رأسه ونكس أصحابه رؤوسهم(4)؛ وقال ابن أروى الدوسي: "رأيت الوحي ينزل على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وإنّه على راحلته فترغو وتفتل يديها حتّى أظنّ أنّ ذراعها ينقصم، فربّما بركت وربّما قامت موتدة يديها حتّى يسري عنه من ثقل الوحي، وإنّه ليتحدّر منه الجمان"(5). والظاهر أنّ أثقل الوحي عليه صلّى الله عليه وآله وسلّم ما كان يأتيه مباشرة من دون توسط جبرائيل، وأما ما كان يأتيه عند نزول جبرائيل فكان أهونه عليه، وخاصة عندما يتمثل لـه بصورة رجل. والى هذا التفصيل تشير الرواية المتقدّمة والروايات الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة. روي أنّ الإمام الصادق عليه السلام سئل عن الغشية التي كانت تأخذ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، أكانت _______________________________________ 1 ـ صحيح البخاري 1: 3، والطبقات لابن سعد 1: 132، وبحار الأنوار للمجلسي 18: 260، وعبارة "وهو أهونه علي" زيادة جاءت في رواية أبي عوانة في صحيحة. راجع فتح الباري 1: 30، والإتقان 1: 44. 2 ـ مسند أحمد بن حنبل 2: 222. 3 ـ مسند أحمد بن حنبل 6: 103. 4 ـ مسند أحمد بن حنبل 5: 190. 5 ـ الطبقات الكبرى 1: 131، ابن سعد، التمهيد 1: 65، معرفة، عنه.