الإستثمارات ضمن أداء اجتماعي وبعيد عن الإنفرادية، بل وحكومي الأمر الذي يعد بحد ذاته انتهاكاً للمؤسسات الأساسية لنظام اقتصاد الإستثمار. لقد جرت تحقيقات كثيرة وواضحة جداً في هذا الشأن بحيث أن الإستثمارات ونفقات الحكومات أيضاً تشهد نمواً مطرداً في هذه المجالات. على سبيل المثال ؛ لوحظ بين العامين 1960 ولغاية 1980 نمو ملحوظ في النفقات العامة في كافة الدول الصناعية. فقد سجل المؤشر زيادة بنسبة 15 بالمائة لثمانية عشر بلداً صناعياً أوروبياً مثلاً حيث ارتفع من 28 بالمائة GDP إلى 43 بالمائة GDP وهذا الرقم شكل في الغالب أسس النفقات المتعلقة بالإستثمار حول الكوادر الإنسانية (Tanzi, 2000, p. 8)، كما أن القرائن تفيد أن الإستثمار حول التعليم والدراسات العليا من قبل القطاع العام أكثر بكثير من القطاع الخاص. النفقات الحكومية في هذا المجال عام 1999 بين جول OECD فاق الـ 9/4 بالمائة GDP في حين أن المؤشر يقرأ أكثر من ذلك مقارنة مع استثمار القطاع الخاص في المؤسسات والمراكز التعليمية. ولم يكن ذلك ليحصل إلا في ظل مرونة القوى والعناصر التي تمتلك تخصصاً على مستوى عال. (Anderson, 2001) لو كان موضوع إقامة التوازن المعروف قديماً بين السلع الخاصة private goods والسلع العامة public goods قائماً اليوم لوجب في عصر تقنية الإتصالات والصناعات السيالة والسهلة النقل المعتمدة على قوة الدماغ أن يتم تفعيل هذا التوازن بين السلع العامة في المقياس الوطني National وبين السلع العامة في المقياس الإقليمي Regional والسلع العامة في المقياس العالمي Global public good. إن السلع العامة العالمية هي سلع تستفيد من منافعها كافة الدول ومجاميع السكان وحتى الأجيال، ولا يمكن عزل بلد أو جيل عن مصالحها أو مضارها. وهنا لا بد من التأكيد على أن طريقة الإستثمار التقليدية المتفردة القائمة على قابلية التملك الخاص ليست وحدها التي لم تؤت أكلها في هذا المضمار بل حتى الإستثمار الوطني في مثل هذه الصناعات لم تكن نتيجته بالمستوى المنشود، لذا وانطلاقاً من افتقار هذه المنتوجات الصناعية لقابلية التملك الوطني ولا تنطبق عليها قاعدة الخصخصة فإنها تحولت إلى ظاهرة عالمية. بهذا الشكل وإلى جانب التقدم التكنولوجي الواسع الذي تمخض عن ظهور صناعات تنتج سلعاً من المستوى العالمي، تطوي القضايا