[ 48 ] نقترح أن نجعل كل ليلة على قبيلة تحرس سيدنا ومولانا أمير المؤمنين (ع)، فإنه يخرج غلسا إلى الجامع ونخاف أن يغتاله هذا اللعين فيفجعنا فيه، فابتدأت بذلك أهل الكنائس، فلما أقبل أمير المؤمنين (ع) وجدهم شاكين في سلاحهم، فقال: ما شأنكم ؟ قالوا: تخوفنا عليك من هذا المرادي اللعين فجئنا لنحرسك فجزاهم خيرا وتلا قوله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون) (1) ثم قال: إذا نزل القضاء فلا راد له وكفى الاجل حارسا. فتفرق القوم، فكانت في الكوفة امرأة من الخوارج اسمها قطام بنت سجية بن تميم من تيم الرباب، وقد خطبها ابن ملجم وتمكن في قلبه حبها، فقالت: نعم على ثلاثة آلاف درهم وعبد وقينة، وأشترط عليك قتل الخليفة علي بن أبي طالب، فقال: والله ما أقدمني إلى هذا المصر وكنت بعيدا منه إلا قتل هذا الرجل، فلك ذلك، ولله در الفرزدق حيث يقول متعجبا من هذا الاقدام: [ فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام من فصيح وأعجمي ] [ ثلاثة آلاف وعبد وقينة * وضرب علي بالحسام المسمم ] [ فلا مهر أغلى من علي وإن علا * ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم ] روي أن ابن ملجم دخل يوما الجامع، وأمير المؤمنين على المنبر يخطب، فقال: والله لاريحن منك العباد، فسمعه بعض الاصحاب فأتى به ملبيا، فقال لهم أمير المؤمنين: وما تريدون منه ؟ فأخبروه بما قال، فقال (ع): خلوا عنه، فإنه لم يقتلني، ولم يزل يكرمه لسرعته في الخدمة ويؤثره على غيره لتأدبه استظهارا عليه، ومع ذلك يقول: أنت قاتلي لا محالة، بذلك أخبرني رسول الله. ________________________________________ (1) سورة التوبة، الآية: 51. (*) ________________________________________