[ 19 ] الانقياد له من غير أن يكون له تصرف وتدبير وارادة فيها، والأخير هو الأنسب هنا بقرينة قوله: " لا يكون ما شاء الله ويكون ما شاء ابليس " فنفى أن يكون له تعالى مشية وارادة وتدبير وتصرف في أفعال العباد وأثبت ذلك لابليس، وقد مر فساد ذلك في ذلك الباب. قوله (أو حروري) الحرورية: فرقة من الخوارج منسوبة إلى " حروراء " بالمد والقصر وفتح الحاء فيهما، وهي قرية قريبة من الكوفة كان أول جماعتهم وتحكيمهم فيها وإنما سموا بذلك لأنهم لما رجعوا عن الصفين وأنكروا التحكيم نزلوا بحروراء وتآمروا فيها على قتال علي (عليه السلام) فسموا حرورية. قوله (أو جهمي) في المغرب: رجل جهم الوجه: عبوس، وبه سمى جهم بن صفوان المنسوب إليه الجهمية وهي فرقة شايعته على مذهبه وهو القول بان الجنة والنار تفنيان وأن الإيمان هو المعرفة فقط دون الإقرار ودون سائر الطاعات وأنه لا فعل لأحد على الحقيقة إلا الله وأن العباد فيما ينسب إليهم من الأفعال كالشجر تحركه الريح فإن الإنسان لا يقدر على شئ إنما هو في أفعاله لا قدرة له ولا إرادة ولا اختيار وإنما يخلق الأفعال فيه على حسب ما يخلق في الجمادات (1) وتنسب إليه مجازا كما تنسب إليها ولا يجوز الاقتداء بالجهمي. قوله (إنما هي معرفة) الضمير راجع إلى الإيمان، والتأنيث باعتبار الخبر. قوله (ليس الإيمان شئ غيرها) (2) " شئ " مرفوع في جميع النسخ التي رأيناها، ولعل وجهه أن اسم ليس ضمير الشأن والجملة بعدها خبرها، أو أن خبرها - وهو الإيمان - مقدم على اسمها وهو " شئ ". * الأصل: 3 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جمعيا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما نظر الله عز وجل إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة لإمامه والنصيحة إلا كان معنا في الرفيق الأعلى. ________________________________________ 1 - قوله " على حسب ما يخلق في الجمادات " ويسمونه الجبرية الخالصة ولا يعترف الأشعرية بأنهم مجبرة. وجهم بن صفوان ظهر بمرو أواخر دولة بني أمية وقتلوه. (ش) 2 - قوله " ليس الإيمان شئ غيرها " ويدل هذا الحديث على أن أصحاب الأئمة (عليهم السلام) ومعاصريهم كانوا يقيدون ألفاظ الأحاديث بالدليل العقلي والمتواتر من النقلي وهو الذي يأبى عنه الأخباريون المتأخرون، فإن قوله " النصيحة لأئمة المسلمين " الأئمة لفظ عام يشمل العادل والجائر، وقيده الراوي بالعادل وأخرج منه معاوية وأمثاله، وقبل منه سفيان، وكذلك قوله " لزم جماعة المسلمين " قيده بغير المرجي والخارجي والقدري وغيرهم بدليل العقل. (ش) (*) ________________________________________