[ 17 ] الكائنات وأنه غير مختلف ولا مؤتلف ولا متجزي ولا متوهم بالقلة والكثرة. (فقولك) الفاء للتفريع (إن الله قدير خبرت) أي خبرت به على حذف العائد. قال الجوهري: أخبرته بكذا وخبرته بمعنى (أنه لا يعجزه شئ فنفيت بالكلمة) أي بهذه الكلمة وهي " الله قدير " فاللام للعهد (العجز) على وجه العموم يعني أنه ليس عاجزا عن شئ من الأشياء فقدرته عبارة عن نفي العجز عنه مطلقا لا أنها صفة زائدة عليه قائمة به، بخلاف قدرة غيره فإنها صفة قائمة به وبينها وبين العجز نوع مصاحبة وملاءمة، فإن الممكن وإن كان ذا قدرة موصوف بالعجز قطعا (وجعلت العجز سواء) وزايدا عليه غير متطرق إليه أصلا. ووجه ذلك التفريع أنه لما بين سابقا أن الله تعالى كان ولم يكن معه شئ وأنه القديم وحده وأنه واحد لا يتجزى ولا يأتلف، ظهر أن صفاته كلها راجعة إلى سلب أضدادها عنه لا إلى إثبات أمر له، لأن ذلك ينافي جميع الأمور المذكورة، وهذا مذهب الحكماء وصرح به بهمنيار في التحصيل وذهب إليه الإمامية والمعتزلة. (1) وهو الحق الذي لا ريب فيه، وقالت الأشاعرة: صفاته أمور موجودة قديمة زائدة على ذاته تعالى قائمة بها. ويلزمهم مفاسد كثيرة في الزبر الحكمية والكتب الكلامية. منها أنه يلزم خلوه عن الكمال واتصافه بالنقص في مرتبة ذاته الحقة وعليته المتقدمة. ومنها أنه يلزم أن يكون محلا لأعراض ينفعل عنها ويستكمل بها. ومنها أنه يلزم عليه الانتقال من حال إلى حال. (وكذلك قولك عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل وجعلت الجهل سواه) لا أنك أثبت له علما زايدا ________________________________________ = الجوهر الفرد أي الجزء الذي لا يتجزأ، إن كان موجودا كان متعددا، فإن كان كل واحد واجبا لزم تعدد الواجب، وإن كان أحدها واجبا كان ترجيحا من غير مرجح، وإن كان المجموع واجبا لزم التركيب في الواجب، وكذلك البسيط المجرد كالعقول والنفوس يحتمل الكثرة والقلة من حيث العدد، فثبت أن ما سوى الواجب تعالى متجز إن كان مركبا، واحتمل القلة والكثرة إن كان بسيطا والواحد غير المتجزي، ولا المحتمل للقلة والكثرة منحصر في ذات واجب الوجود تعالى. والحق أن الجوهر الفرد غير موجود وإن كل جسم ينقسم إلى غير النهاية. (ش) 1 - قوله " ذهبت إليه الإمامية والمعتزلة " بين كلام الإمامية والمعتزلة فرق، لأن المعتزلة قائلون بنفي الصفات، والإمامية قائلون بإثباتها وكونها عين الذات، وبينهما اشتراك في نفي الصفات الزائدة على الذات على ما يدعيه الأشاعرة ويثبتون القدماء الثمانية زائدة على ذات الواجب، وقد مر في الجزء الثالث في الصفحة 326 أن إرجاع صفات الواجب إلى نفي أضدادها غير صحيح بتمام معنى الكلمة، لأن نفي النقص لا يوجب إثبات الكمال مطلقا، مثلا: الجمادات فاقدة لصفات العلم والقدرة والسمع والبصر ولأضدادها أيضا لعدم الشأنية فلا يقال: الجدار أعمى أو اصم أو أمي عاجز، ثم إن الحكماء موافقون للإمامية حتى أهل السنة منهم. (ش) (*) ________________________________________