[ 300 ] (فارعوه وصدقوه وتفهموه بإذن الله) ارعوه إما من الرعاية بمعنى الرقوب والحفظ أي فارقبوه واحفظوه أو من الإرعاء بمعنى الإصغاء يقال: أرعيته سمعي أي أصغيت إليه يعني فاسمعوه وأصغوا إليه، فالهمزة على الأول للوصل وعلى الثاني للقطع. (من زعم أنه يعرف الله بحجاب) المراد بالحجاب ما يمنع الوصول إليه تعالى ومعرفته بما يليق به كالنور والظلمة عند الثنوية، والطبع عند الملاحدة فإنهم طلبوا لهذا العالم سببا فأحالوه لظلمة طبيعتهم على الطبع إلى غير ذلك من العقائد الفاسدة التي من جملتها القول بالمعاني والصفات الزائدة عليه القائمة به فإنها تحجب أيضا عن الوصول إليه. (أو بصورة) أي بجوهر حال في غيره أو بهيئة خيالية أو وهمية كما زعمه المصوره (أو بمثال) جسماني كما زعمه المجسمة (فهو مشرك) اتخذ إلها غيره وهذا هو الشرك بالله (وإنما هو واحد متوحد) موصوف بالوحدة المطلقة المنافية لتلك المقايسات الخيالية والوهمية والاعتبارات الحسية والعقلية. (فكيف يوحده) أي يعتقد أنه واحد على الإطلاق (من زعم أنه عرفه بغيره) فإن هذه المعرفة شرك مناف للتوحيد (وإنما عرف الله من عرفه بالله) أي بما يليق به أي بما عرفه الله من نفسه وهو أنه خالق كل شئ وليس كمثله شئ وقد مر توضيح ذلك. (فمن لم يعرفه به فليس يعرفه، إنما يعرف غيره) لأنه تعالى لما تقدس أن يشبه خلقا في شئ كان العارف المشبه له بخلقه أو المكيف له بكيفيات تحويها الأوهام وبصفات تعتريها الأفهام غير عارف به بل متصور الأمر آخر هو في الحقيقة غيره فهو مقر بوجود الصانع صريحا ومنكر له لزوما فيندرج من جهة الإقرار في جملة المشركين ومن حيث الإنكار في زمرة الملحدين. (ليس بين الخالق والمخلوق شئ) مشترك معنى واشتراك العالم والقادر والموجود وغيرها بينهما إنما هو بمجرد اشتراك الاسم كما سيجئ تحقيقه (والله خالق الأشياء) فلا يجوز أن يتصف بشئ منها مشتركا بينه وبين خلقه لامتناع اتصافه بخلقه (لا من شئ كان) خبر بعد خبر يعني الله لا من شئ كان وسيجئ أن من زعم أن الله من شئ فقد جعله محدثا، ويحتمل أن يكون متعلقا بخالق الأشياء يعني أنه خالق الأشياء لا من شئ كان في الأزل فيشاركه في الأزلية. وفي كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسي " قال الزنديق لأبي عبد الله (عليه السلام): من أي شئ خلق الأشياء ؟ " قال (عليه السلام): لا من شئ وفي بعض النسخ " من لا شئ " فقال: كيف يجئ من لا شئ ________________________________________