احتجوا بقوله تعالى وسقاهم ربهم شرابا طهورا وليس في الجنة ما يتطهر به وبقول جرير عذاب الثنايا ريقهن طهور والريق لا يطهر ولأن الأصل في فعول أن يجري على فاعل في تعديته وقصره وطاهر قاصر فطهور مثله والجواب عن الأول أنه مجاز للمبالغة لأن الذي يتطهر به أفضل أنواع الماء فاستعير لشراب الجنة ترغيبا فيه وهذا هو الجواب عن الثاني وعن الثالث لا نسلم أن الطهور ههنا جار على طاهر بل معزل عنه ويوضحه استحالة قبول الطهارة للزيادة في المطر والبحر فلا يمكن إلحاقه بصبور وشكور ثم إنا لو سلمنا إمكان القياس على الماء بناء على أنه بمعنى طاهر لاندفع القياس بالفارق وهو ما اشتمل عليه الماء من الرقة واللطافة فإن قالوا الخل وماء الليمون ألطف منه قلنا لا نسلم ويدل على خلاف ذلك أن الإنسان إذا أدخل يده فيهما أحس من الممانعة ليده ما لا يحس في الماء ولأن أجزاء الخبز لا يفرقها واحد منهما بخلافه ولأن ماء الليمون إذا استعمل لزوال العرق سد المسام ومنع انبعاث العرق وأما إحالة الألوان فليس لرقته وإنما هو بإحالته لها إذا تقرر هذا البحث فيلحق بالطهور لأجل الحاجة والأصالة المتغير بجريه على المعادن أو بطول المكث والطحلب والطين الكائن فيه وكل ما هو من قراره من التبصرة وما يكون عن البرد والجليد والندى ولا فرق بين ما تغير بالمعادن الجاري عليها والآنية المصنوعة منها وقد فرق أهل العلم بينهما ولا فرق وقد كان عليه السلام يتوضأ من الصفر ولم يكره أحد الوضوء من الحديد