فحاصل القضية أنا قلنا بسد الذرائع أكثر من غيرنا لا أنها خاصة بنا واعلم أن الذريعة كما يجب سدها يجب فتحها ويكره ويندب ويباح فإن الذريعة هي الوسيلة فكما أن وسيلة المحرم محرمة فوسيلة الواجب واجبة كالسعي للمجمعة والحج وموارد الأحكام على قسمين مقاصد وهي المتضمنة للمصالح والمفاسد في أنفسها ووسائل وهي الطرق المفضية إليها وحكمها حكم ما أفضت إليه من تحريم أو تحليل غير أنها أخفض رتبة من المقاصد في حكمها فالوسيلة إلى أفضل المقاصد أفضل الوسائل وإلى أقبح المقاصد أقبح الوسائل وإلى ما هو متوسط متوسطه وينبه على اعتبار الوسائل قوله تعالى ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح فأثابهم على الظمأ والنصب وإن لم يكونا من فعلهم لأنهما حصلا لهم بسبب التوسل إلى الجهاد الذي هو وسيلة لإعزاز الدين وصون المسلمين فالاستعداد وسيلة إلى الوسيلة قاعدة كلما سقط اعتبار المقصد سقط اعتبار الوسيلة فإنها تبع وقد خولفت هذه القاعدة في الحج في إمرار الموسى على رأس من لا شعر له مع أنه وسيلة إلى إزالة الشعر فيحتاج إلى ما يدل على أنه مقصود في نفسه وإلا فهو مشكل تنبيه قد تكون وسيلة المحرم غير محرمة إذا أفضت إلى مصلحة راجحة