@ 57 @ قَدْ قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِبَيَانِ الثَّمَنِ الَّذِي يَرْتَضِيهِ ثَمَنًا لِمَالِهِ . هَذَا وَإِنَّ الْأَمْثِلَةَ الَّتِي مَرَّتْ مَعَنَا هُنَا كُلُّهَا أَمْثِلَةٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالنَّصِّ وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالدَّلَالَةِ وَهِيَ : إذَا وَكَّلَ مُكَارٍ شَخْصًا آخَرَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا بِدُونِ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ وَصْفًا , فَالْوَكَالَةُ هُنَا مُقَيَّدَةٌ بِحَالِ الْمُوَكِّلِ وَعَمَلِهِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِدَاعِي الْإِطْلَاقِ فِي الْوَكَالَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ فَرَسًا لِلْمُوَكِّلِ مِنْ جِيَادِ الْخَيْلِ بِمِائَتَيْ جُنَيْهٍ , بَلْ إنَّمَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْفَرَسَ الَّذِي يَتَنَاسَبُ ثَمَنُهُ مَعَ حَالِ مُوَكِّلِهِ وَعَمَلِهِ فَهُنَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَقْيِيدٌ بِالنَّصِّ فَالتَّقْيِيدُ بِالدَّلَالَةِ مَانِعٌ مِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ فَرَسًا مِنْ جِيَادِ الْخَيْلِ لِذَلِكَ الْمُوَكِّلِ الْمُكَارِي , وَلَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ عَلَى الْفَرْضِ فَرَسًا جَوَادًا لَا يُلْزَمُ بِهِ الْمُوَكِّلُ وَيَبْقَى لِلْوَكِيلِ . كَذَلِكَ الْوَكَالَةُ الْمُطْلَقَةُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَإِنَّهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِهَا قَيْدٌ لِلثَّمَنِ فَالدَّلَالَةُ تُوجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ الشِّرَاءَ بِالْقِيمَةِ الْمِثْلِيَّةِ وَإِلَّا فَمَعَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَلَا يَحِقُّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِثَمَنٍ يَكُونُ بِهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ الْمَادَّةُ ( 1482 ) , كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ قُرْبَ عِيدِ الْأَضْحَى بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ خَرُوفًا أَوْ فِي فَصْلِ الصَّيْفِ بِشِرَاءِ ثَلْجٍ أَوْ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ بِشِرَاءِ فَحْمٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مُدَّةَ الشِّرَاءِ فَعَقْدُ الْوَكَالَةِ وَإِنْ كَانَ بِالظَّاهِرِ لَا يَحْتَوِي عَلَى قَيْدٍ لِعَدَمِ وُجُودِ نَصٍّ لِلتَّقْيِيدِ فِيهِ فَالْقَيْدُ هُنَا مَوْجُودٌ دَلَالَةً فَعَلَيْهِ لَا يَحِقُّ لِلْوَكِيلِ شِرَاءُ الْخَرُوفِ بَعْدَ مُرُورِ عِيدِ الْأَضْحَى , وَالثَّلْجِ بَعْدَ دُخُولِ فَصْلِ الشِّتَاءِ , وَالْفَحْمِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشِّتَاءِ وَإِنْ فَعَلَ لَا يُلْزَمُ الْمُوَكِّلَ بِالشَّيْءِ الْمُشْتَرَى . ( الْمَادَّةُ 65 ) الْوَصْفُ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ وَفِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرٌ . مَثَلًا : لَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ بَيْعَ فَرَسٍ أَشْهَبَ حَاضِرٍ فِي الْمَجْلِسِ وَقَالَ فِي إيجَابِهِ : بِعْت هَذَا الْفَرَسَ الْأَدْهَمَ وَأَشَارَ إلَيْهِ , وَقَبِلَ الْبَائِعُ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَغَا وَصْفَ الْأَدْهَمِ , أَمَّا لَوْ بَاعَ فَرَسًا غَائِبًا وَذَكَرَ أَنَّهُ أَشْهَبُ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَدْهَمُ , فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ . يَعْنِي : لَوْ عَرَّفَ شَخْصٌ شَيْئًا بِبَيَانِ جِنْسِهِ وَوَصْفِهِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمَوْصُوفُ حَاضِرًا وَكَانَ مُشَارًا إلَيْهِ حِينَ الْوَصْفِ وَكَانَ الْمَوْصُوفُ وَالْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَالْوَصْفُ لَغْوٌ وَلَا حُكْمَ لَهُ , وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَوْصُوفُ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْوَصْفِ فَالْوَصْفُ مُعْتَبَرٌ . يَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي النِّكَاحِ , وَالْبَيْعِ , وَالْإِجَارَةِ , وَفِي سَائِرِ الْعُقُودِ . قَدْ ذُكِرَ فِي مَتْنِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْبَائِعَ ( لَوْ بَاعَ فَرَسًا غَائِبًا وَذَكَرَ أَنَّهُ أَشْهَبُ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَدْهَمُ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ ) وَلَكِنَّ الْمَادَّةَ 310 تُصَرِّحُ بِأَنَّ الْبَيْعَ يَكُونُ مُنْعَقِدًا وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْفَسْخِ بِخِيَارِ الْوَصْفِ , وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَشْبَاهِ ( أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ , أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَإِذَا هُوَ أَخْضَرُ يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ ) فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا فَاخْتِلَافُ الْوَصْفِ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الِانْعِقَادِ . هَذَا وَإِنَّ الْمَادَّةَ 107 قَدْ عَرَّفَتْ الْبَيْعَ غَيْرَ الْمُنْعَقِدِ بِالْبَيْعِ الْبَاطِلِ فَعَلَيْهِ يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ ( غَيْرِ مُنْعَقِدٍ ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ إلَّا أَنَّهُ نَظَرًا لِكَوْنِ الْعِبَارَةِ هَذِهِ مُخَالِفَةٌ لِلنَّقْلِ فَيَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهَا أَنَّ الْبَيْعَ