@ 55 @ ثَانِيًا : أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ وَلَا يُوجَدُ مَا يُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا . مِثَالُ ذَلِكَ : لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا أَوْ فِي حَقِّ مَنْ نَسَبُهُ مَعْرُوفٌ بِأَنَّهُ ابْنُهُ لَا تَكُونُ دَعْوَاهُ صَحِيحَةً , كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ ( 1629 ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ حَقِيقَةً , إذْ لَيْسَ مِنْ الْمَعْقُولِ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ وَالِدًا لِرَجُلٍ يَكْبُرُهُ فِي السِّنِّ كَذَا مِنْ الْمُتَعَذِّرِ شَرْعًا أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْمَعْرُوفُ النَّسَبِ وَلَدًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي يَدَّعِيهِ . كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ وَارِثٌ لِوَارِثٍ آخَرَ بِزِيَادَةٍ عَنْ حِصَّتِهِ الْإِرْثِيَّةِ , كَأَنْ يُتَوَفَّى شَخْصٌ عَنْ وَلَدٍ وَبِنْتٍ وَيَعْتَرِفُ الْوَلَدُ لِأُخْتِهِ بِنِصْفِ مَا خَلَّفَ وَالِدُهُمَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْمَنْقُولَةِ , فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ هَذَا لِتَعَذُّرِهِ شَرْعًا وَتُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا حَسْبَ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ . كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ قَائِلًا : إنَّنِي قَطَعْت يَدَيْ فُلَانٍ , وَإِنَّنِي مَدْيُونٌ لَهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ دِيَةَ يَدَيْهِ وَكَانَتْ يَدَا الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ سَالِمَتَيْنِ لَمْ تُقْطَعْ يُهْمَلُ ذَلِكَ الْكَلَامُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ . هَذَا وَإِلَيْكَ مَثَلًا : عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي يَتَنَازَعُهُ مَعْنَيَانِ أَوْ الْمُشْتَرِكُ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ وَلَيْسَ مِنْ مُرَجِّحٍ لِإِرَادَةِ أَحَدِهِمَا . الْمِثَالُ : لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ مُعْتِقٌ ( بِكَسْرِ التَّاءِ ) وَآخَرُ مُعْتَقٌ ( بِفَتْحِهَا ) وَأَوْصَى بِمَالِ قَائِلًا : ( إنَّهُ لِمَوْلَايَ بَعْدَ مَوْتِي ) وَلَمْ يُعَيِّنْ فَلَمَّا كَانَتْ كَلِمَةُ ( مَوْلَايَ ) تَشْمَلُ الْمُنْعِمَ وَالْمُنْعَمَ عَلَيْهِ وَتُطْلَقُ عَلَى ( السَّيِّدِ ) , وَهُوَ الْمُعْتِقُ , وَعَلَى ( الْعَبْدِ ) , وَهُوَ الْمُعْتَقُ وَبِمَا أَنَّ الْقَصْدَ وَالْغَرَضَ فِي الْوَصِيَّةِ إذَا كَانَتْ مِنْ الْأَدْنَى إلَى الْأَعْلَى أَنْ تَكُونَ بِمَثَابَةِ اعْتِرَافٍ بِجَمِيلِ الْمُوصَى لَهُ وَكَشُكْرٍ لَهُ عَلَى أَيَادِيهِ , وَإِذَا كَانَتْ مِنْ الْأَعْلَى لِلْأَدْنَى فَهِيَ بِمَثَابَةِ إحْسَانٍ وَزِيَادَةِ تَلَطُّفٍ , وَلِأَنَّ الِاسْمَ الْمُشْتَرَكَ لَا يُعَدُّ مِنْ قِسْمِ الْعُمُومِ , وَيَجِبُ تَحْدِيدُ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَقْصُودِ لِلِاسْمِ الْمُشْتَرَكِ وَهُنَا الْقَصْدُ مَجْهُولٌ , إذْ بِتَعَدُّدِ الْمَقْصُودِ لِلَّفْظِ الْوَاحِدِ لَا يُمْكِنُ تَعْيِينُ أَحَدِهِمَا , فَلَا تَصِحُّ لَهُ وَصِيَّةٌ . ( الْمَادَّةُ 63 ) ذِكْرُ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ . إنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَالْمَجَامِعِ , وَالْمَفْهُومُ مِنْهَا أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَتَجَزَّأُ ذِكْرُ بَعْضِهَا عَنْ الْكُلِّ وَإِنَّ الْبَعْضَ مِنْهَا إذَا ذُكِرَ كَانَ الْكُلُّ مَذْكُورًا ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذِكْرُ الْبَعْضِ لَا يَقُومُ مَقَامَ ذِكْرِ الْكُلِّ لَكَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِإِهْمَالِ الْكَلَامِ , وَالْحَالُ أَنَّ الْمَادَّةَ ( 60 ) مِنْ الْمَجَلَّةِ تُصَرِّحُ بِأَنَّ إعْمَالَ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ . مِثَالٌ : لَوْ أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يَكْفُلَ شَخْصًا آخَرَ عَلَى نَفْسِهِ , فَقَالَ فِي عَقْدِ الْكَفَالَةِ إنَّنِي كَفِيلٌ بِنِصْفِ أَوْ رُبْعِ هَذَا الشَّخْصِ فَبِمَا أَنَّ نَفْسَ الرَّجُلِ مِمَّا لَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ وَالتَّقْسِيمَ , وَذِكْرُ الْبَعْضِ مِنْهَا بِحُكْمِ ذِكْرِ الْكُلِّ , فَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ وَيَكُونُ قَدْ كَفَلَ نَفْسَ الرَّجُلِ كُلَّهَا . كَذَلِكَ فِي الشُّفْعَةِ , كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ 1041 لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعَ نِصْفَ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ يَكُونُ بِذَلِكَ مُسْقِطًا حَقَّ شُفْعَتِهِ فِي الْكُلِّ ; لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ . كَذَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ كُلُّهُ إذَا كَانَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ وَاحِدًا وَعَفَا عَنْ الْقَاتِلِ بِجُزْءٍ مِنْ الْقِصَاصِ ; لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَجَزَّأُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُمْكِنِ إمَاتَةُ قِسْمٍ مِنْ الْإِنْسَانِ مَعَ الْإِبْقَاءِ عَلَى الْقِسْمِ الْآخَرِ مِنْهُ حَيًّا . أَمَّا إذَا ذُكِرَ بَعْضُ الشَّيْءِ الَّذِي يَتَجَزَّأُ فَهُوَ بِعَكْسِ ذَلِكَ وَإِلَيْكَ الْمِثَالُ :