@ 52 @ هُنَا أَنْ لَا تَقِلَّ الدِّيَةُ عَنْ الدِّيَةِ الشَّرْعِيَّةِ . كَذَلِكَ الْقَاضِي لَا تُعْتَبَرُ تَصَرُّفَاتُهُ فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ وَأَحْكَامُهُ مَا لَمْ تَكُنْ مَبْنِيَّةً عَلَى الْمَصْلَحَةِ . مِثَالٌ : لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي شَخْصًا بِأَنْ يَسْتَهْلِكَ مَالًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مَالًا لِشَخْصٍ آخَرَ فَإِذْنُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ حَتَّى أَنَّ الْقَاضِيَ نَفْسَهُ لَوْ اسْتَهْلَكَ ذَلِكَ الْمَالَ يَكُونُ ضَامِنًا . كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَهَبَ أَمْوَالَ الْوَقْفِ وَأَمْوَالَ الصَّغِيرِ ; لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِيهَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُقَيَّدًا بِمَصْلَحَتِهَا أَيْضًا . كَذَلِكَ لَوْ نَصَّبَ حَاكِمٌ مُخَالِفًا شَرْطَ الْوَاقِفِ فَرَّاشًا فِي مَسْجِدٍ فَكَمَا أَنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ حَرَامٌ عَلَى الْفَرَّاشِ فَالْحَاكِمُ أَيْضًا يَكُونُ ارْتَكَبَ حُرْمَةً بِنَصْبِهِ . كَذَلِكَ إذَا صَالَحَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ عَنْ دَعْوَاهُ يَصِحُّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ , وَذَلِكَ حَسْبَ مَنْطُوقِ الْمَادَّةِ ( 1540 ) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مَدِينِ الصَّغِيرِ حَوَالَةً مَا لَهُ عَلَى شَخْصٍ مَا لَمْ يَكُنْ أَمْلَأَ , أَيْ أَغْنَى مِنْ الْمُحِيلِ , وَإِلَّا فَقَبُولُهُ لَا حُكْمَ لَهُ عَمَلًا بِالْمَادَّةِ ( 685 ) وَالْحَاصِلُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُ السُّلْطَانِ وَالْقَاضِي وَالْوَالِي وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْوَلِيِّ مَقْرُونًا بِالْمَصْلَحَةِ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَا جَائِزٍ . ( الْمَادَّةُ 59 ) : الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ . يُرَادُ بِالْوِلَايَةِ هُنَا نَفَاذُ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ فِي حَقِّ الْغَيْرِ شَاءَ أَمْ أَبَى , وَالْوَلِيُّ : هُوَ الَّذِي يَحِقُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ اسْتِحْصَالِ إذْنٍ بِرِضَاءِ صَاحِبِ الْمَالِ , وَهَذَا بِعَكْسِ الْوَكِيلِ فَالْوَكِيلُ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْغَيْرِ فَتَصَرُّفُهُ مَقْرُونٌ بِرِضَاءِ صَاحِبِ الْمَالِ . هَذَا وَالْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ وِلَايَةً فِي النِّكَاحِ وَالْمَالِ , وَالْوَلِيُّ فِي ذَلِكَ الْجَدُّ أَوْ الْأَبُ أَوْ أَبُو الْجَدِّ , وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي النِّكَاحِ فَقَطْ أَوْ فِي الْمَالِ فَقَطْ فَالْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ فَقَطْ جَمِيعُ الْعَصَبَاتِ وَالْأُمُّ وَذَوِي الْأَرْحَامِ , وَالْوَلِيُّ فِي الْمَالِ فَقَطْ أَوَّلًا أَبُو الصَّغِيرِ . ثَانِيًا الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُوهُ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ أَبُوهُ . ثَالِثًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ . رَابِعًا جَدُّهُ الصَّحِيحُ أَيْ أَبُو أَبِ الصَّغِيرِ . خَامِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْجَدُّ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ . سَادِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ هَذَا , كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ ( 974 ) وَوِلَايَةُ الْوَقْفِ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ أَيْضًا . مِثَالُ ذَلِكَ : لَوْ أَجَّرَ الْقَاضِي عَقَارًا لِلْوَقْفِ بِمَا لَهُ مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ عَلَى الْوَقْفِ , وَأَجَّرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ ذَلِكَ الْعَقَارَ نَفْسَهُ , يَكُونُ إيجَارُ الْمُتَوَلِّي صَحِيحًا وَلَا يُعْتَبَرُ إيجَارُ الْقَاضِي ; لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْخَاصَّةَ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ , وَلَا يَحِقُّ لِصَاحِبِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَالِ الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ صَاحِبِ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ , وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي عَيَّنَ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي , كَذَلِكَ لَا يَحِقُّ لِلْقَاضِي عَزْلُ الْمُتَوَلِّي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ مَا لَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ خِيَانَةٌ ; لِأَنَّ وِلَايَةَ الْوَاقِفِ عَلَى الْوَقْفِ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ , وَهِيَ أَقْوَى مِنْ وِلَايَةِ الْقَاضِي , كَذَلِكَ لَا يَحِقُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَالِ الْيَتِيمِ الَّذِي نُصِّبَ عَلَيْهِ وَصِيٌّ , وَلَا أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَ أَوْ الْيَتِيمَةَ عِنْدَ وُجُودِ الْوَلِيِّ , وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ فِي شَيْءٍ لَا تَأْثِيرَ لِلْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَلَا عَمَلَ لِصَاحِبِهَا , وَأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ الْعَامِّ عِنْدَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ غَيْرُ نَافِذٍ .