وليها بأمرها وزوجت هي نفسها فإن قالت هو الأول فالقول قولها وهو الزوج لأنها أقرت بملك النكاح له على نفسها وإقرارها حجة تامة عليها وإن قالت لا أدري أيهما أول ولا يعلم ذلك فرق بينهما لأنه لا يمكن تصحيح نكاحهما فإن المرأة لا تحل لرجلين بالنكاح وليس أحدهما بأولى من الآخر فيفرق بينها وبينهما لهذا وكذلك لو زوجها وليان بأمرها والثيب والبكر في هذا سواء لما بينا ( قال ) وإذا زوج البكر وليها فأخبرها بذلك فقالت لا أرضى ثم قالت قد رضيت فلا نكاح بينهما لأن العقد قد بطل بينهما بردها فإنما رضيت بعد ذلك بالعقد المفسوخ وذلك باطل ولهذا جرى الرسم بتجديد العقد عند الزفاف لأنها في المرة الأولى تظهر الرد وغير ذلك لا يحمد منها ثم لا يزال بها أولياؤها يرغبونها حتى رضيت فلو لم يتجدد العقد كانت تزف إلى أجنبي فلهذا استحسنا تجديد العقد عند الزفاف ( قال ) وإذا استؤمرت في نكاح رجل خطبها فأبت ثم زوجها الولى منه فسكتت فهو رضاها لأنها لما أبت بطل استئمارها فكانه زوجها من غير استئمار فيكون سكوتها رضاها وكان محمد بن مقاتل رحمه الله تعالى يقول هنا لا يجوز ولا يكون سكوتها رضا لأنها قد صرحت بالسخط فكيف يكون سكوتها بعد ذلك دليل رضاها ولكنا نقول قد يسخط المرء الشيء في وقت ويرضى به في وقت آخر فسخطها قبل العقد لا يمنعنا أن نجعل سكوتها رضا بعد العقد والله أعلم بالصواب .
$ باب نكاح الثيب $ ( قال ) قد بلغنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا زوج ابنته وهي كارهة وهي تريد عم صبيانها ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها وبين الذي زوجها منه أبوها ثم زوجها عم ولدها وهذه المرأة كانت ثيبا لأن الراوي قال وهي تريد عم صبيانها فهذا دليل على أن نكاح الأب الثيب لا ينفذ بدون رضاها وهو مجمع عليه ولا يكون للشافعي في هذا الحديث حجة علينا في البكر لأن ضد هذا الحكم في حق البكر مفهوم والمفهوم عندنا ليس بحجة ولأنه خص الثيب بالذكر وتخصيص الثيب بالذكر لا يدل على أن الحكم في غيرها بخلافه ثم في هذا الحديث دليل على أن الولي إذا امتنع عن التزويج زوجها الإمام فإن الأب هنا امتنع من تزويجها ممن أرادت فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بولاية الإمامة وفيه دليل على أن اختيار الأزواج إليها لا إلى الولي لأنها هي التي تعاشر الأزواج فإنما تحسن