واشتغال أبي يوسف بالقضاء على أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه فإنه لولا ذلك لصنفا ما أتعب المتبعين وهذا الكتاب أول تصانيفه في الزهد والورع فذكر في آخره بعض المسائل التي تليق بذلك في مثل لبس الحرير والأصل فيه ما روى أن النبي خرج ذات يوم والذهب بيمينه والحرير بشماله وقال هذان حرامان على ذكور أمتي حل لإناثها ولبس الحرير للرجال في غير حالة الحرب مكروه وفي حالة الحرب كذلك في قول أبي حنيفة وفي قولهما إذا كان ثخينا يدفع بمثله السلاح فلا بأس بلبسه في حالة الحرب وأما ما يكون سداه غير حرير ولحمته حرير فلا يحل للرجال لبسه في غير حالة الحرب نحو القباء وما أشبه ذلك وقد تقدم بيان هذه الفصول في الكتب ( قال ولا بأس بأن يتخذ الرجل في بيته سريرا من ذهب أو فضة وعليه الفرش من الديباج يتجمل بذلك للناس من غير أن يقعد أو ينام عليه فإن ذلك منقول عن السلف من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين ) روى أن الحسن أو الحسين رضي الله عنهما من تزوج منهما شاه بانوا على حسب ما اختلف فيه الرواة زينت بيته بالفرش من الديباج والأواني المتخذة من الذهب والفضة فدخل عليه بعض من بقي من أصحاب رسول الله ورضي عنهم فقال ما هذا في بيتك يا بن رسول الله فقال هذه امرأة تزوجتها فأتت بمثل هذه الأشياء ولم أستحسن منعها من ذلك وعن محمد بن الحنفية رضي الله عنه أنه زين داره ذلك هذا فعاتبه في ذلك بعض الصحابة رضي الله عنهم فقال إنما أتجمل للناس بهذه ولست أستعمله وإنما أفعل ذلك لكيلا يشتغل قلب أحد ولا ينظر إلى غير حماك فعرفنا أن هذا إذا اتخذه المرء على هذا القصد لم يكن به بأس وإن كان الإكتفاء بما دونه أفضل ويدخل هذا في معنى قوله تعالى ! < قل من حرم زينة الله > ! الآية والذي قال لا يقعد عليه ولا ينام قول محمد أيضا فأما على قول أبي حنيفة رضي الله عنه فلا بأس بالجلوس والنوم عليه وإنما المكروه اللبس والملبوس يصير تبعا للابس فأما ما يجلس أو ينام عليه فلا يصير تبعا له فلا بأس به ( قال ولا بأس أن ينقش المسجد بالجص والساج وماء الذهب ) قال رضي الله عنه وكان شيخنا الإمام رضي الله عنه يقول تحت اللفظ إشارة إلى أنه لا يثاب على ذلك فإنه قال لا بأس وهذا اللفظ لرفع الحرج لا لإيجاب الثواب معناه يكفيه أن ينجو من هذا رأسا برأس وهو المذهب عند الفقهاء رحمهم الله وأصحاب الظواهر يكرهون ذلك ويؤنبون من فعله قالوا لأن فيه مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخبر من