فقد ألحق الوعيد بمن جاوز الحد المشروع وفي الرد عليهم زيادة على ما قدر لكل واحد منهم ثم الرد إنما يكون باعتبار الفريضة أو العصوبة أو الرحم لا يجوز أن يكون باعتبار الفريضة لأنه وصل إلى كل واحد منهم مقدار ما فرض له ولأنه لا يرد على الزوج والزوجة والفريضة لهما ثابتة بالنص ولا يجوز أن يكون باعتبار العصوبة لأن باعتبار العصوبة يقدم الأقرب فالأقرب وفي الرد لا يقدم الأقرب وكذلك الاستحقاق بالرحم في معنى الاستحقاق بالعصوبة يقدم فيه الأقرب فإذا بطلت الوجوه صح أن القول بالرد باطل وأن ما زاد على حق أصحاب الفرائض لا يستحق له من الورثة فيصرف إلى بيت المال .
ولا يقال إن المسلمين يستحقون ذلك بالإسلام فأصحاب الفرائض ساووا المسلمين في الإسلام ويرجحوا بالقرابة لأن وصلة الإسلام بانفراد بناء على الاستحقاق كوصلة القرابة والترجيح لا يصلح بكثرة العلة وأما بن مسعود قال الرد باعتبار الرحم والاستحقاق بالرحم إنما يكون بمعنى العصوبة فيعتبر ذلك بالاستحقاق الثابت بحقيقة العصوبة فلا يثبت ذلك للزوج والزوجة لأن العصوبة باعتبار القرابة أو ما يشبه القرابة في كونه باقيا عند استحقاق الميراث كالولاء والزوجية ليست بهذه الصفة لأنها ترتفع بموت أحدهما إلا أن استحقاق الفرضية بها كان بالنص ففيما وراء المنصوص لا يثبت الاستحقاق لانعدام السبب عند الاستحقاق وكذلك لا يرد على ابنة الابنة مع الابنة لأنهما في الرد بمنزلة الابن وبن الابن فيكون الأقرب مقدما .
وكذلك لا يرد على الأخت لأب مع الأخت لأب وأم لأنهما بمنزلة الأخ لأب مع الأخ لأب وأم .
وكذلك لا يرد على أولاد الأم مع الأم كما لا تثبت العصوبة لأولاد الأب مع الأب ولا يرد على الجدة مع ذي سهم لأنها تدلى بالأنثى والإدلاء بالأنثى ليس بسبب لاستحقاق العصوبة بحال وقد بينا أن سبب الاستحقاق في حق الجدة ضعيف فلا تثبت المزاحمة بينها وبين من كان سببه قويا في المستحق بالرد .
فأما علماؤنا رحمهم الله احتجوا بقوله تعالى ! < وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله > ! معناه بعضهم أولى بميراث بعض بسبب الرحم فهذه الآية توجب استحقاق جميع الميراث لكل واحد منهم يوصله الرحم والآية التي فيها ذكر الفريضة توجب استحقاق جزء معلوم من المال لكل واحد منهما بالوصف المذكور فيعمل بالآيتين ويجعل لكل واحدمنهم فريضة بإحدى الآيتين ثم يجعل ما بقي مستحقا لهم بسبب الرحم بالآية الأخرى ولهذا لا يرد على الزوج والزوجة لانعدام الرحم في حقهما فلا يكون هذا مجاوزة ولئن كان فهو زيادة على النص وذلك جائز ثم كما لا تجوز الزيادة