ولا يمكن تنفيذ وصيته في أكثر من ثلثه فصار مخالفا مشتريا لنفسه فالثمن دين عليه وانما قضى بمال الميت دينا عليه فيضمن مثلها ويكون العتق عن نفسه لانه أعتق ملك نفسه فان خرج للميت مال لم يعلم به من دين أو عين يكون ثمن النسمة الثلث من ذلك بريء الوصى من الضمان لان بما ظهر من المال تبين ان الوصى غير مخالف وانه نفذ الوصية في محلها فلا يلحقه عهد ولا ضمان وإذا أوصى أن يباع عبده ويشترى بثمنه نسمة فتعتق عنه فباع الوصي العبد واشترى بثمنه نسمة فأعتقها وهو الثلث ثم رد العبد من عيب بعد ذلك ضمن الوصي الثمن لانه هو المشترى فتتعلق حقوق العقد به وذلك رد الثمن عند رد المبيع عليه بالعيب ثم يقال بع العبد فان بلغ ذلك الثمن فالعتق جائز عن الميت كما كان لانه تبين انه غير مخالف في شراء النسمة والعتق عن الميت بل هو منفذ الوصية في محلها وان نقص عنه أو زاد عليه فالعتق عن الوصى لانه مخالف في الوجهين أما اذا نقص ثمن العبد عما اشترى به النسمة فظاهر وكذلك اذا زاد عليه لانه انما امره أن يعتق عنه نسمة يشتريها بثمن العبد وهذه نسمة اشتراها ببعض الثمن فكان غير ما تتناوله الوصية فلهذا كان مشتريا لنفسه في الوجهين والعتق عنه ويشترى بالثمن نسمة أخرى فيعتقها عن الميت ولو لم يرد العبد بالعيب ولكن استحق رجع المشتري على الوصى بالثمن لانه هو الذي قبض منه بحكم البيع الثمن فكان العتق عن الوصى نفسه لانه تبين بطلان الوصية وان اشترى الوصى النسمة لا يمكن تنفيذها عن الميت فكان مشتريا لنفسه على ما هو الاصل انه متى تعذر تنفيذ الشراء على ما اشترى له ينفذ على العاقد وكان العتق عن الوصى نفسه ولا يرجع على الورثة في نصيبهم بشيء من المال لان الميت لم يوص في ذلك المال بشيء فكيف يرجع الوصى به .
أرأيت لو اشترى شيأ لليتيم من ميراثه أو باع له فلحقه غرم وليس لليتيم مال أكان يرجع في حصة غيره من الورثة ولو أوصى بأن يشترى من ثلثى ماله نسمة تعتق عنه وماله ثلاثمائة فاشترى الوصى بمائة نسمة فأعتقها وأعطى الورثة مائتين فاستحقت النسمة وردت في الرق وقبض الوصى المائة ليشترى بها نسمة أخرى فتلفت منه مائة يرجع على الورثة بثلث ما أخذوا ليشترى به في قول أبي حنيفة وما تقدم من المقاسمة باطل ما لم يحصل مقصود الموصى وفي قولهما مقاسمة الوصى الورثة جائزة ولا يرجع فيما أصاب الورثة بشيء وقد بطلت الوصية وهذا نظير ما تقدم بيانه في الحج ولو أوصى أن يشترى له نسمة بعينها فتعتق عنه فاشتراها الوصى ثم ماتت فقد بطلت الوصية لانها وقعت لشخص بعينه فلا يمكن تنفيذها لشخص آخر وقد فات محل الوصية