والدليل عليه أن المبيع قبل القبض إذا قبض فالبيع يبقى ببقاء القيمة وإنما يبقى البيع إذا فات المعقود عليه وأخلف فلو لم يكن الضمان بدل المالية لما بقي العقد باعتباره لأن البيع يتناول المالية والراهن إذا قتل المرهون يضمن قيمته بحق المرتهن ولا حق للمرتهن إلا في المالية ولهذا لا يجب عليه القصاص بحال لأن القصاص بدل عن النفسية فلو كانت القيمة كذلك لما وجب على الراهن أن يجمع بينهما في الاعتبار فنقول إذا كان العبد كبير القيمة يجب مقدار الدية لاعتبار معنى النفسية وما زاد على ذلك إلى تمام القيمة لاعتبار معنى المالية بمنزلة من قتل حرا ومزق عليه ثيابه وهذا مروي عن أبي يوسف فقد روى بن سماعة رحمه الله عنه أن مقدار الدية من قيمة العبد تتحمله العاقلة وما زاد على ذلك إلى تمام القيمة يكون في مال الجاني لهذا المعنى .
وحجتنا في ذلك قول بن مسعود رضي الله عنه لا تبلغ قيمة العبد دية الحر وينقص منه عشرة دراهم وهذا كالمروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن المقادير لا تعرف بالقياس وإنما طريق معرفتها التوقيف والسماع من صاحب الوحي والمعنى فيه أن هذا ضمان وجب بقتل الآدمي فلا يزاد على الديات كما لو وجب بقتل الحر وهذا لأن زيادة البدل تكون بزيادة الفضيلة وما من فضل في العبيد إلا ويوجد ذلك في الأحرار وزيادة ثم الحر مع أنه مجمع القصاص لا يزاد بدله على أعلى الديات فالعبد أولى وإنما قلنا أن الضمان وجب بالقتل ها هنا لأن القتل سبب تضمن به النفس بالدية وهو حكم ثابت بالنص قال الله تعالى ! < ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله > ! ونفس العبد في هذا داخلة كنفس الحر .
( ألا ترى ) أنها تضمن بالكفارة كنفس الحر فكذلك بالدية والدية بمقابلة النفس مقدرة بالنص لا تجوز الزيادة عليها بالرأي فلا يجوز إسقاطها بالرأي فهذا دليل واضح على أن الضمان يجب ها هنا باعتبار النفسية وأن الواجب الدية لأنا لو لم نجعله واجبا باعتبار النفسية كنا قد أسقطنا بالرأي ما هو ثابت بالنص والدليل عليه أن ضمان النفس بالدية لإظهار حرمة المحل وصيانته عن الإهدار ونفس العبد محترمة كنفس الحر فلا يجوز إهدارها ما أمكن والدليل عليه أن صفة المالية في هذا المحل تبع للنفسية لأن قوام المالية ببقاء النفسية وهذا هو علامة التبع مع المتبوع ولا يجوز إهدار الأصل بحال لمراعاة التبع لأن في اعتبار الأصل اعتبار التبع وليس في اعتبار التبع اعتبار الأصل وإذا جعلنا الضمان واجبا باعتبار النفسية كنا اعتبرنا ما هو الأصل وباعتباره يحصل اعتبار التبع فكان ذلك أولى من أن يجعل بمقابلة المالية ويهدر معنى النفسية