إلى ما ليس بموجب أولى بخلاف الإقداح فهناك لو حصل السكر بالقدح الأول يجب الحد وإنما لم يجب الحد إذا لم يسكر به لانعدام السبب الموجب وهنا لو حصل القتل بالضربة الأولى لا يجب القصاص فعرفنا أن هذا الفعل في نفسه غير موجب فلا يدخل على هذا شهادة الشاهدين بالقتل العمد فإنها توجب القصاص وكل واحد منهما بانفراده لا يوجب لأن شهادة الشاهدين حجة واحدة وشهادة كل واحد منهما شطر الحجة وشطر الحجة لا يثبت به شيء من الحكم فأما ها هنا فكل فعل صالح لكونه علة تامة وهو على أصله أظهر فإن عنده لو حصل من كل واحد من الجماعة ضربة واحدة يجب عليهم القصاص وما لم تتكامل العلة في حق كل واحد منهم لا يلزمه القصاص وقوله بأن الضربة الواحدة يقصد بها التأديب قلنا حقيقة القصد لا يمكن الوقوف عليها وإنما ينبني الحكم على السبب الظاهر .
( ألا ترى ) أن قطع اليد لا يقصد به القتل أيضا ولهذا كان مشروعا في موضع كان القتل حراما وكذلك الجرح اليسير مشروع على قصد الاستشفاء كالقصد والحجامة ومع ذلك إذا حصل القتل به وجب القصاص لأن حقيقة القصد يتعذر الوقوف عليها فيعتبر السبب الظاهر .
فكذلك ها هنا كان ينبغي أن يجب القصاص إذا حصل القتل بالضربة والضربتين بالسوط وحيث لم يجب بأن كل فعل من هذه الأفعال بانفراده غير موجب وحقيقة الفقه فيه ما ذكرنا في المسألة الأولى ويمكن الاستدلال بهذا الحرف أيضا فيقال العصا الكبير مجموع أجزاء لا يتعلق القصاص بكل جزء منها وإن حصل القتل فكذلك بمجموعها .
فأما بيان نفي استيفاء القود بغير السيف وبها يقول علماؤنا رحمهم الله فإن القصاص متى وجب فإنه يستوفى بطريق حز الرقبة بالسيف ولا ينظر إلى ما به حصل القتل .
وقال الشافعي رضي الله عنه ينظر إلى القتل بماذا حصل فإن كان بطريق غير مشروع بأن سقاه الخمر حتى قتله أو لاط بصغير حتى قتله فكذلك الجواب يقتل بالسيف وإن كان بطريق مشروع يفعل به مثل ذلك الفعل ويمهل مثل تلك المدة فإن مات وإلا تحز رقبته نحو ما إذا قطع يد إنسان عمدا فمات من ذلك واستدل بما روينا أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر برضخ رأس اليهودي بين حجرين وكان ذلك بطريق القصاص .
( ألا ترى ) أنه روي في بعض الروايات فاعترف اليهودي فقضي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص وأمر بأن يرضخ رأسه بين حجرين ولأن المعتبر في القصاص المساواة ولهذا سمي قصاصا مأخوذ من قول القائل التقى الدينان فتقاصا أي تساويا أصلا ووصفا وما قلناه أقرب إلى