لأن البيع يزيل العتق عن ملك البائع ولا يزيل ملك اليد ما لم يصل إليه الثمن فيبقى ملك اليد للمولى على ما كان حتى يستوفي الثمن .
فإن دفع إليه الثمن وقبض ما اشترى فهو جائز ولا سبيل للغرماء على المولى فيما قبض من الثمن لأن المبيع خلف عن الثمن في تعلق حق الغرماء به .
ولو سلم المولى ما باعه إلى العبد قبل أن يقبض الثمن والثمن دين على العبد فقبض العبد لما اشترى جائز وهو للغرماء ولا شيء للمولى من الثمن .
وعند أبي يوسف قال هذا إذا استهلك العبد المقبوض فإن كان قائما في يده فللمولى أن يسترده حتى يستوفي الثمن من العبد .
وجه ظاهر الرواية أنه بتسلم المبيع أسقط حقه في الحبس وملك اليد الذي كان باقيا له فلو بقي الثمن بقي دينا في ذمة العبد والمولى لم يستوجب على عبده دينا وجه قول أبي يوسف أنه إنما أسقط حقه في العين بشرط أن يسلم له الثمن ولم يسلم فيبقي حقه في العين على حاله ويتمكن من استرداده ما بقيت العين لأنه يجوز أن يكون له ملك العين فيما في يد عبده فكذلك يجوز أن يكون له ملك اليد فيه فأما بعد الاستهلاك فقد صار دينا .
ولو كان الثمن عروضا كان المولى أحق بذلك الثمن من الغرماء لأنه بالعقد ملك العرض بعينه ويجوز أن يكون عين ملكه في عبده وهو أحق به من الغرماء ولو كان المولى باع متاعه من عبده بأكثر من قيمته بقليل أو كثير فالزيادة لا تسلم للمولى لكونه متهما في المعاملة مع المولى بحق الغرماء ويكون المولى بالخيار إن شاء نقض البيع .
وإن شاء أخذ من العبد قدر قيمة ما باع وأبطل الفضل لأنه ما رضي بخروجه عن ملكه إلا بشرط سلامة جميع الثمن له ولم يسلم .
وإذا خرج العبد إلى مصر فأتجر فيه فلحقه دين ثم قال لم يأذن لي مولاي فلان في التجارة وقال الغرماء قد أذن لك فللغرماء بيع جميع ما في يده في دينهم استحسانا .
وفي القياس لا يباع شيء مما في يده حتى يحضر المولى فتقوم عليه البينة بالإذن لأن السبب الموجب للحجر عليه وهو الرق معلوم والغرماء يدعون عارض الإذن والعبد ليس بخصم في ذلك ما لم يحضر مولاه وأكثر ما فيه أن تكون معاملته معهم إقرارا منه بأنه مأذون له ولكن إقراره لا يكون حجة على المولى وما في يده من الكسب ملك المولى كرقبته فكما لا تباع رقبته في الدين حتى يحضر المولى فكذلك لا يباع كسبه .
وجه الاستحسان أن الظاهر شاهد للغرماء لأن استبداد العبد بالتصرف معهم دليل ظاهر على كونه مأذونا ومن حيث العرف الإنسان لا يبعث عبده إلى مصر آخر ما لم يأذن له في التجارة ولكن هذا الظاهر حجة في دفع الاستحقاق لا في إثبات الاستحقاق وفي حق الرقبة حاجتهم