السبب الموجب للضمان فيها وهو القبض مقصودا ثم لا خلاف إن المرتهن لا يملك الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قرض جر منفعة ولو تمكن من الانتفاع أدى إلى ذلك ولأن المنفعة إنما تملك بملك الأصل والأصل مملوك للراهن فالمنفعة تكون على ملكه لا يستوفيها غيره إلا بإيجابها له وهو بعقد الرهن أوجب ملك اليد للمرتهن لا ملك المنفعة فكان ماله في الانتفاع بعد عقد الرهن كما كان قبله وكذلك الراهن لا ينتفع بالمرهون بغير إذن المرتهن عندنا وقال الشافعي رحمه الله فيما يمكنه الانتفاع به مع بقاء عينه للراهن أن ينتفع به بدون إذن المرتهن والمسئلة في الحقيقة بناء على الأصل الذي بينا إن عندنا دوام يد المرتهن يوجب عقد الرهن والانتفاع به يفوت هذا الواجب لأنه يعيده إلى يده لينتفع به وعنده يوجب الرهن حق المطالبة بالبيع في الدين عند حلول الأجل وذلك لا يفوت بانتفاع الراهن به ثم الحجة له في المسألة حديث أبي هريرة رضي الله عنه إن النبي صلى الله عليه وسلم قال المرهون مركوب ومحلوب وعلى من يركبه ويحلبه نفقته ولا شك أن النفقة على الراهن فعرفنا أنه مركوب ومحلوب للراهن والمعنى فيه أن عقد الرهن لا يزيل الملك في الحال ولا في ثاني الحال ولكن يوجب للمرتهن حقا فكل تصرف من الراهن يقدره يبطل حق المرتهن فهو باطل كالبيع والراهن من غيره وكل تصرف لا يؤدي إلى إبطال حق المرتهن فالراهن يملكه باعتبار ملكه وهذا كالنكاح فإنه لا يزيل ملك المولي عن الأمة ولكن يوجب للزوج منها حقا فكل تصرف يؤدي إلى إبطال حقه كالوطء والتزوج من الغير يمنع المولي منه وكل تصرف لا يؤدي إلى إبطال حق الزوج كالبيع والهبة لا يمنع المولي منه والاستيلاد لا يزيل ملك المولي ويوجب لها حقا وكل تصرف يؤدي إلى إبطال حق لها كالبيع يمنع للمولي منه وكل تصرف لا يؤدي إلى إبطال حقها كالوطء والتزويج لا يمنع المولي منه ثم الانتفاع لا يؤدي إلى إبطال حق المرتهن بدليل إنه لو انتفع به بإذن المرتهن بقي عقد الرهن وحق المرتهن ولو كان هذا مبطلا حقه لكان يبطل حقه عن العين وإن حصل بإذنه كالبيع ولأن الرهن وثيقة بالدين فلا يمنع المالك من الانتفاع بالملك كالكتابة والدليل عليه إن الراهن أحق ببدل المنفعة وهو الكسب والغلة فذلك دليل على أنه أحق بالمنفعة أيضا وعقد الرهن عقد مشروع وبالإجماع المرتهن لا يتمكن من الانتفاع به فلو قلنا يمتنع على الراهن الانتفاع به لتعطلت العين عن الانتفاع بسبب هذا العقد وذلك مشبه تسييب أهل الجاهلية فيكون خلاف المشروع إلا أنه