الخرساني بالقصر قد انتقض بمثله وهو وطنه ببغداد وإن لم يكونا نويا الإقامة بالقصر ولا ببغداد فإذا خرجا من بغداد إلى الكوفة صليا ركعتين لأن وطنهما بالقصر كان وطن السكنى وقد انتقض بالخروج منه .
ولو أن كوفيا باع داره وخرج مع عياله يريد أن يوطن مكة فلما انتهى إلى الثعلبية بدا له أن يوطن خراسان فمر بالكوفة صلى أربعا لأن الوطن الأصلي لا ينقضه إلا وطن أصلي مثله ولم يظهر له وطن أصلي في موضع آخر فكانت الكوفة وطنا له فيصلي بها أربعا فإن كان أتى مكة ودخلها على عزيمته ثم بدا له أن يرجع إلى خراسان فمر بالكوفة صلى ركعتين لأنه لما دخل مكة بأهله وثقله على قصد التوطن بها صار ذلك وطنا أصليا له وانتقض وطنه بالكوفة ألا ترى أن النبي كان متوطنا بمكة فلما توطن بالمدينة انتقض وطنه بمكة حتى لما دخلها قال أتموا يا أهل مكة صلاتكم فإنا قوم سفر .
فإن بدا له أن يرجع إلى اليمن ويمر بمكة صلى أربعا لأنها صارت وطنا أصليا له ولم يتخذ بعدها وطنا آخر .
ولو أن كوفيا قدم مكة في عيد الأضحى يريد الحج ويريد أن يقيم بمكة سنة فإنه يصلي ركعتين حتى يخرج من منى لأنه على عزم الخروج منها إلى منى وعرفات فلا يصير مقيما بهذا الدخول حتى يرجع من منى إلا أن يكون حين أتاها كان بينه وبين يوم التروية خمسة عشر يوما أو أكثر فحينئذ يصير مقيما ثم بالخروج إلى منى وعرفات لا يصير مسافرا وإن بدا له قبل أن يرجع إلى منى أن ينصرف إلى الكوفة بعد ما قضى حجه صلى ركعتين بمكة في المسألة الأولى لأنه بعد الرجوع من منى ما دخلها على عزم الإقامة فلا يصير مقيما وإن كان إنما بدا له هذا بعد ما رجع من منى صلى أربعا حتى يخرج من مكة يريد سفرا لأنه صار مقيما بها حين دخلها على عزم الاقامة .
ولو أن خراسانيا أوطن الكوفة والحيرة عشرين يوما صلى ركعتين لأنه نوى الإقامة في الموضعين وإنما تعتبر نية الإقامة في موضع واحد إلا أن يكون نوى أن يكون بالليل بالحيرة وبالنهار بالكوفة فحينئذ يصير مقيما إذا انتهى إلى الحيرة لأن موضع إقامة المرء حيث يبيت فيه ألا ترى أنك تسأل السوقي أين يقيم فيقول في محله كذا ويشير إلى مبيته وإن كان هو بالنهار يكون في السوق .
ولو أن كوفيا خرج حاجا ثم رجع إلى الحيرة فنوى بها الإقامة صلى أربعا فإن بدا له أن يخرج إلى مكة فلما انتهى إلى النجف وهو على رأس فرسخين بدا له أن يرجع إلى الكوفة فإنه يصلي ركعتين ما لم يدخل الكوفة لأن الحيرة كانت وطن السكنى