.
فإن شرط عليه أن يحذقه في ذلك فهو غير جائز لأن التحذيق ليس في وسع المعلم فالحاذقة لمعنى في المتعلم دون المعلم وإن أراد أن يدفع عبده إلى عامل بأجر مسمى سنة فأراد رب العبد أن يستوثق من الأستاذ فإنه يؤاجر الشهر الأول بجميع الأجرة إلا درهما وباقي السنة بنفسه حتى إذا أراد الأستاذ فسخ العقد بعد مضي الشهر لا يتضرر مولى العبد بذلك ويمتنع الأستاذ من ذلك لما لحقه من زيادة الأجر .
( قال ) ( وإن أراد الأستاذ أن يستوثق جعل السنة كلها إلا الشهر الأخير بدرهم والشهر الأخير ببقية الأجر وهذا العقد جائز ) لأنهما عقدا عقدين كل واحد منهما في مدة معلومة ببدل معلوم .
وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يخالف الأجرين فيجعل أحدهما دنانير والآخر دراهم فهذا أقرب إلى التوثق وإنما قصدا بهذا التحرز عن جهل بعض الحكام كيلا يجعلوا عقدا واحدا لاتصال المدة بعضها ببعض واتحاد جنس الأجر .
وإذا دفع غلامه إلى عامل ليعلمه عملا ولم يشترط واحد منهما على صاحبه أجرا أو دفعه على وجه الإجارة فلما علمه العمل قال الأستاذ لي الأجر وقال رب العبد لي الأجر فإني أنظر إلى ما تصنع أهل تلك البلاد في ذلك العمل فإن كان المولى هو الذي يعطي الأجر جعلت عليه أجر مثله للأستاذ وإن كان الأستاذ هو الذي يعطي الأجر جعلت على الأستاذ أجر مثله للمولى لأن العقد كان مطلقا بينهما فيجب حمله على المتعارف ولأن الظاهر شاهد لمن يوافق العرف قوله والبناء على الظاهر واجب حتى يتبين خلافه .
قال رضي الله عنه كان شيخنا الإمام رحمه الله يقول العمل الذي يشترط للأستاذ فيه الأجر في ديارنا عمل المغازل فإنه يفسد الحسب حتى يتعلم وكذلك الذي ينقب الجواهر وما أشبه ذلك من الأعمال الذي يفسد المتعلم بعض ما هو متقوم حتى يتعلم فإذا كان بهذه الصفة فالأجر للأستاذ ولو لم يكن الأجر مسمى عند العقد فيصار إلى أجر المثل .
فإذا استأجر الرجل غلاما في عمل مسمى كل شهر بكذا فالعقد لازم على كل شهر واحد لأنه اضاف كلمة كل إلى ما لا يعرف منتهاه فيتناول أدناه وكل شهر يستعمله فيه بعد ذلك فله الأجر فإذا دخل من الشهر الثاني يوم واحد واستعمله فيه فقد لزمته الإجارة في ذلك لوجود الرضى منهما دلالة وبعد لزوم العقد لا يكون له أن يخرجه إلا من عذر .
وإذا أبق العبد من المستأجر فله أن يفسخ الإجارة لتعذر استيفاء المعقود عليه فإن لم يفسخها حتى رجع العبد فالإجارة لازمة له فيما بقي من المدة لزوال العذر .
وقد بينا أن الإجارة في حكم عقود متفرقة فيما يفسخ العقد في بعض المدة لفوات المعقود عليه فذلك لا يمنع لزومه فيما بقي من المدة .
وإذا استأجر