يخرج الدم من أذنه أو عينه لم يغسل لأن الدم لا يخرج من هذين الموضعين عادة إلا بجرح في الباطن فالظاهر أنه ضرب على رأسه حتى خرج الدم من أذنه أو عينه وإن كان يخرج من فيه فإن كان ينزل من رأسه غسل وجرحه من جانب الفم ومن جانب الأنف سواء وإن كان يعلو من جوفه لم يغسل لأن الدم لا يعلو من الجوف إلا بجرح في الباطن وإنما يعرف ذلك بلون الدم .
( قال ) ( ومن صار مقتولا من جهة قطاع الطريق لم يغسل أيضا ) لأنه قتل دافعا عن ماله وقد قال عليه الصلاة والسلام من قتل دون ماله فهو شهيد فلهذا لا يغسل .
( قال ) ( ومن قتل في المصر بسلاح ظلما لم يغسل أيضا عندنا ) وقال الشافعي رضي الله عنه يغسل وهو بناء على أن عنده القتل العمد موجب للدية كالخطأ فإذا وجب عن نفسه بدل هو مال غسل وعندنا العمد غير موجب للمال فهذا مقتول ظلما لم يجب عن نفسه بدل هو مال فكان شهيدا .
والقصاص الواجب ليس ببدل محض بل هو عقوبة زاجرة فلا يخل بصفة الشهادة واعتمادنا فيه على حديث عثمان رضي الله تعالى عنه فقد قتل في المصر وكان شهيدا ولم يغسل .
وإن قتل بغير سلاح غسل لأن هذا في معنى الخطأ حتى يجب عن نفسه بدل هو مال .
وذكر الطحاوي رحمه الله تعالى أنه إذا قتل بحجر أو عصا كبير فهو عندهما والقتل بالسلاح سواء وعند أبي حنيفة رضي الله عنه يغسل وهو بناء على اختلافهم في وجوب القصاص في القتل بهذه الآلة .
( قال ) ( ولو قتل بحق في قصاص أو رجم غسل ) لما روى أن ماعزا لما رجم جاء عمه إلى رسول الله فقال قتل ما عز كما تقتل الكلاب فماذا تأمرني أن أصنع به فقال لا تقل هذا فقد تاب توبة لو قسمت توبته على أهل الأرض لوسعتهم اذهب فغسله وكفنه وصل عليه ولأن الشهيد باذل نفسه لابتغاء مرضات الله تعالى وهذا لا يوجد في المقتول بحق فإنه باذل نفسه لإيفاء حق مستحق عليه وكذلك من مات من حد أو تعزير غسل لما بينا وكذلك من عدا على قوم ظلما فقتلوه غسل لأن الظالم غير باذل نفسه لابتغاء مرضات الله تعالى فهو في حكم الغسل كغيره من الموتى .
( قال ) ( ومن قتله السبع أو احترق بالنار أو تردى من جبل أو مات تحت هدم أو غرق غسل كغيره من الموتى ) لأن هذه الأشياء غير معتبرة شرعا في أحكام الدنيا فهو والميت حتف أنفه سواء وكذلك من وجد مقتولا في محلة لا يدري من قتله غسل لأنه استحق عن نفسه بدلا هو مال فالقسامة والدية تجب على أهل المحلة .
( قال ) ( ويصنع بالمحرم ما يصنع بالحلال ) يعني يخمر رأسه ووجهه بالكفن عندنا