شراء ثوب من الجراب بغير عينه فإذا لم يكن ما قطع منه معلوما عند المشتري لم يكن ما يتناوله العقد أيضا معلوم الوصف عنده فثبت له الخيار عند الرؤية ألا ترى أنه لو اشترى الجراب إلا ثوبا منها بغير عينه لم يجز الشراء فكذلك إذا كان لا يعلم ما قطع البائع منها بعد رؤيته فلعله قطع أجودها والمشتري يظن أنه قطع أردأها فلهذا كان له الخيار إذا رآه .
( قال ) ( ولو عرض رجل على رجل ثوبين فلم يشترهما ثم لف أحدهما في منديل ثم اشتراه منه ولم يره ولم يعلم أيهما هو فهو بالخيار إذا رآه ) لأن الرؤية المتقدمة لا تفيده العلم بأوصاف المعقود عليه فلعل المشتري يظن أنه أجودهما وهو أردؤهما ولو أتاه بالثوبين جميعا وقد لف كل واحد منهما في منديل فقال هذان الثوبان اللذان قد عرضت عليك أمس فقال أخذت هذا لأحدهما بعشرين درهما وهذا بعشرة في صفقتين أو صفقة ولم يرهما في هذه المدة فأوجبهما له فهو بالخيار لأنه لما خالف بينهما في الثمن فما هو المقصود لا يحصل له ما لم يعلم بأوصاف كل واحد منهما بعينه لجواز أن يظن أن الذي اشتراه بعشرين درهما أجودهما والذي اشتراه بعشرة أردؤهما والحال بخلاف ذلك فربما يهلك أحدهما أو يجد به عيبا يحتاج إلى رده فلا يندفع الغبن عنه ما لم يعرف كل واحد منهما بعينه .
( ولو قال قد أخذت كل واحد منهما بعشرة أو بعشرين جاز ذلك ولا خيار له ) لأنه أخذهما صفقة واحدة ولم يفصل أحدهما في الثمن وقد كانا معلومي الوصف عنده بالرؤية المتقدمة فلأجله لا يثبت له خيار الرؤية فيهما .
( قال ) ( رجل اشترى ثوبا ولم يره حتى رهنه أو أجره يوما أو باعه والمشتري بالخيار فهذا اختيار منه له وليس له أن يرده ) لأنه أوجب للغير فيه حقا لازما وذلك بعجزه عن الرد فإن البيع بشرط الخيار للمشتري لازم في جانب البائع واكتسابه ما يعجزه عن الرد مسقط لخياره حكما كما لو كان المبيع عبدا فدبره أو باعه .
( والبائع بالخيار فنقض البيع كان له أن يرده ) لأن خيار البائع يمنع زوال ملكه والبيع بهذه الصفة لا يعجزه عن الرد فلا يكون مسقطا لخياره وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله أنه يسقط خياره بهذا البيع وقيل تلك الرواية أصح لأن البيع بشرط الخيار للبائع أقوى في إسقاط الخيار من العرض على المبيع ولو عرضه على المبيع سقط خياره فإذا باعه بشرط الخيار أولى ووجه ظاهر الرواية أن البيع تصرف من جهة القول فإذا كان بحيث لا يعجزه عن الرد لا يكون إسقاطا لخياره حكما ولكنه بمنزلة إسقاط خيار الرؤية بالقول قصدا وذلك لا يصح قبل الرؤية فكذلك إيجاب البيع بشرط الخيار له .
( قال ) ( ولو اشترى عبدا لم يره