الحرام فإذا لم تعلم المساواة جعل ذلك لتحقق الفضل احتياطا فيفسد العقد .
وإن علم أن ما في الزيتون من الزيت أقل من المنفصل فالبيع جائز لأن المثل يصير بإزاء المثل والباقي من الزيت بإزاء التفل فلا يظهر الفضل الخالي عن المقابلة بهذا الطريق وكذلك دهن السمسم بالسمسم والعصير بالعنب واللبن بالسمن والرطب بالدبس ولا خير في شيء من ذلك نسيئة لوجود الجنسية بينهما باعتبار ما في الضمن ولا بأس بخل الخمر بخل السكر متفاضلا يدا بيد لأنهما جنسان فإن أصلهما جنسان لأن السكر ماء التمر والخمر بالعنب وكما أن العنب مع التمر جنسان فكذلك الخل المتخذ منهما فيجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا ولا خير في ذلك نسيئة لأنه جمعهما قدر واحد وهو الكيل والوزن وإن اشترى شاة بصوف وعلى ظهرها صوف أو شاة في ضرعها لبن بلبن فإن ذلك لا يجوز إلا بطريق الاعتبار وهو أن يعلم أن اللبن المنفصل أكثر مما في الضرع وأن الصوف المجزوز أكثر مما على ظهر الشاة .
وذكر الطحاوي أن هذا على الخلاف وجعله نظير بيع لحم الشاة بالشاة فإن عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى يجوز بيع لحم الشاة بالشاة الحية على كل حال .
وعند محمد لا يجوز إلا بطريق الاعتبار وهو أن يعلم أن اللحم المنفصل أكثر من اللحم الذي في الشاة فيكون المثل بالمثل والباقي بإزاء المسقط وهو القياس لأن المجانسة بين الشاة واللحم ثابتة باعتبار ما في الضمن فلا يجوز البيع إلا بطريق الاعتبار كما في الفصول المتقدمة وبيان ذلك أن اللحم موجود في الشاة وهو المقصود وبه تختلف المالية .
ألا ترى أن الشاة في الغنيمة من جملة الطعام يباح لكل واحد من الغانمين تناوله وذلك باعتبار ما فيه من اللحم بل وجود اللحم في الشاة أبين وأظهر من وجود الدهن في السمسم فإن ذلك حادث بالعصير حكما ولهذا كان ملكا للغاصب واللحم لا يحدث بالذبح ولهذا لو غصب شاة فذبحها لم يكن اللحم له والذبح نقصان محض بمنزلة القطع في الثوب فلا يحدث به اللحم وهو إزهاق الحياة فيفوت به معنى النسل بمنزلة القلي في الحنطة يفوت ما كانت الحنطة باعتباره مثبتة وإذا ثبت أن اللحم موجود قبل الذبح لا يجوز البيع إلا بطريق الاعتبار .
وجه قولهما أنه باع عدديا متفاوتا بوزنى فيجوز كيف ما كان كما لو باع الثوب بالقطن وبيان الوصف أن الحيوان عددي متفاوت ولهذا لا يجوز السلم فيها ويجوز بيع الشاة بالشاتين وتأثيره أن المجانسة باعتبار ما في الضمن إنما تطلب إذا كان كل واحد من البدلين مقدرا فأما إذا لم يكن أحدهما مقدرا لا يشتغل بطلب المجانسة