أرسلا كلبا لهما فالصيد بينهما نصفان لاستوائهما في السبب الموجب للملك وهو الاصطياد وإن كان الكلب لأحدهما فأرسلاه جميعا فالصيد لصاحب الكلب خاصة وإن كان لكل واحد منهما كلب فأرسل كل واحد كلبه فإن أصاب كل كلب صيدا على حدة كان ذلك الصيد لصاحبه وإن أصابا صيدا واحدا فهو بينهما نصفان وإن أصاب أحدهما صيدا فأثخنه ثم جاء الآخر فأعانه فهو لصاحب الكلب الأول فإن لم يكن الأول أثخنه حتى جاء الآخر فأثخناه فهو بينهما نصفان لأن الإرسال إذا وجد من صاحب الكلب فقد تم السبب الموجب للملك وهو الاصطياد والآخر معين له في ذلك .
( قال ) ( وإذا أرسل كل واحد منهما كلبه فإن أصابا صيدا واحدا فقد استوى المالكان في سبب الاستحقاق وإن أصابه أحد الكلبين فأثخنه فقد تم أخذه ) لأنه أخرجه بفعله من أن يكون صيدا وإن أثخناه جميعا فقد تقررت المساواة بينهما في السبب فكان بينهما نصفين .
( قال ) ( وإن اشتركا ولأحدهما بغل وللآخر بعير على أن يؤاجرا ذلك فما رزقهما الله تعالى من شيء فهو بينهما نصفان فهذا فاسد ) لأن كل واحد منهما في المعنى موكل لصاحبه بأن يؤاجر دابته ليكون نصف الأجر له وهذا التوكيل باطل فإنه لو قال أجر دابتك على أن يكون جميع الأجر لي كان باطلا فكذلك إذا قال على أن يكون نصف الأجر لي وهذا لأن بدل المنفعة يعتبر ببدل العين وكذلك إذا قال بع دابتك على أن يكون نصف ثمنها لي كان باطلا فكذلك في الإجارة وإذا ثبت أن التوكيل بهذه الصفة لا يصح فكذلك الشركة .
والمعنى في الكل واحد وهو أن التوكيل إنما يعتبر فيما لا يملك الوكيل مباشرته قبل التوكيل والمالك يبيع دابته ويؤاجرها قبل التوكيل وكذلك كل أحد يملك عند المباح قبل التوكيل فلهذا بطل التوكيل في جميع ذلك ولأن هذا في معنى الشركة بالعروض لأن منفعة العين نظرا لغبن لأنه يتعين في العقد .
وقد بينا أن الشركة في العروض لا تصح فإن أجراهما جميعا بأجر معلوم في عمل معلوم قسم الأجر بينهما على مثل أجر البغل وأجر البعير لأن الأجر بدل المنفعة للدابتين وأجر المثل في المنفعة كالقيمة في العين فكما لو باعا الدابتين قسم الثمن بينهما على قيمة كل واحد منهما فكذلك إذا أجراهما .
ولو تقبلا حمولة معلومة بأجر معلوم ولم يؤجر البغل والبعير فالأجر بينهما نصفان لأن استحقاق الأجر بتقبل العمل وقد استويا في ذلك .
وإن أجر البعير بعينه كان الأجر لصاحبه لأنه بدل منفعة دابته فإن كان الآخر أعانه على الحمولة والنقلان