الوديعة فإن المودع لا يقبض الوديعة لمنفعة نفسه إنما يقبضها لمنفعة المالك ولهذا لم يكن عليه مؤنة الرد وهو المعتمد لهم فإن قبض العارية يوجب ضمان الرد حال قيام العين فيوجب ضمان القيمة حال هلاك العين كالقبض بطريق الغصب .
يقرره أن ضمان الرد إنما يلزمه لأنه يسقط بالرد ضمان العين عن نفسه ولما لزمه ضمان الرد فعليه أداء ما لزمه ولا يتحقق أداء ذلك إلا برد العين عند قيامه ورد القيمة عند هلاك العين ليصير به مؤديا ما لزمه من ضمان الرد وهذا بخلاف ما لو تلف في الاستعمال لأن فعله في الاستعمال منقول إلى المالك فإنه يستعمل بتسليط المالك فيحصل به الرد معنى .
ويجوز أن يكون العين مضمونا عليه ثم يبرأ عن ضمانه بفعل يباشره بتسليط المالك كما لو غصب من غيره شاة فقال له المغصوب منه ضح بها فإن هلكت قبل أن يضحي بها ضمنها وإن ضحى بها لم يضمن شيئا .
ولا يقال قبضه بتسليط المالك أيضا لأنه يقبض من يد المالك لنفسه فلا يمكن أن يجعل فعله في القبض كفعل المالك .
والدليل عليه أنه لو ضمن للمستحق لم يرجع على المعير ولو كان يد المستعير في العين كيد المعير لرجع عليه بالمودع .
وحجتنا في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على المستعير غير المغل ضمان ولا على المستودع غير المغل ضمان والمغل هو الخائن فقد نفى الضمان عن المستعير عند عدم الخيانة والمعنى فيه أنه قبض العين للانتفاع به بإذن صحيح فلا يكون مضمونا عليه كالمستأجر .
وتأثيره أن وجوب الضمان يكون للجبران وذلك لا يتحقق إلا بعد تفويت شيء على المالك وبالإذن الصحيح ينعدم التفويت .
ألا ترى أن القبض في كونه موجبا للضمان لا يكون فوق الإتلاف ثم الإتلاف بالإذن لا يكون موجبا للضمان فالقبض أولى ولا يجوز أن يجب الضمان هناك باعتبار العقد لأن العقد عقد تبرع فلا يكون عقد ضمان كالهبة .
والدليل عليه أن ما تناوله العقد وهو المنفعة لا يصير مضمونا بهذا العقد فما لم يتناوله العقد أولى .
ولأن العقد على المنفعة إذا كان بعوض وهو الإجارة لا يوجب ضمان العين وتأثير العوض في تقدير حكم ضمان العقد فإذا كان العقد على المنفعة مقرونا بالعوض لا يوجب الضمان فالمتعري عن العوض كيف يوجب الضمان .
والدليل عليه أنه لو تلف في الاستعمال لم يضمن ولا يجوز أن يجعل فعله كفعل المالك لأنه استعمل لمنفعة نفسه ولكن إنما لا يضمن لوجود الإذن من المالك في الاستعمال فكذلك للقبض .
وإن قال بحكم الإذن من المالك في الاستعمال جعل استعماله