وهذا لأن القاتل على سبيل المبارزة يحتاج إلى زيادة عناء ومخاطرة بالنفس ولهذا لو قتله مدبرا لا يستحق سلبه .
وكذلك لو رمى سهما من صف المسلمين فقتل مشركا لا يستحق سلبه لأنه ليس فيه زيادة العناء فكل واحد يتجاسر على ذلك وأصحابنا استدلوا بقوله تعالى ! < واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه > ! 41 والسلب من الغنيمة لأن الغنيمة مال يصاب بأشرف الجهات فينبغي أن يجب فيه الخمس بظاهر الآية وعندكم لا يجب وهذا مروى عن بن عباس رضي الله عنهما قال السلب من الغنيمة وفيه الخمس .
واستدل بالآية وجاء رجل من بلقين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لمن المغنم قال لله سهم ولهؤلاء أربعة أسهم فقال هل أحد أحق بشيء من غيره قال لا حتى لو رميت بسهم في جنبك فاستخرجته لم تكن أحق به من أخيك .
وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال كنت واقفا يوم بدر بين شابين حديث أسنانهما أحدهما معوذ بن عفراء والآخر معاذ بن عمرو بن الجموح فقال لي أحدهما أي عم أتعرف أبا جهل قلت وما شأنك به قال بلغني أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لو لقيته ما فارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا موتا وعمر بي الآخر إلى مثل ذلك فلقيت أبا جهل في صف المشركين فقلت ذاك صاحبكما الذي تريدانه فابتدراه بسيفيهما حتى قتلاه واختصما في سلبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل واحد منهما أنا قتلته والسلب لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسحتما سيفيكما فقالا لا فقال أرياني سيفيكما فأرياه فقال كلا كما قتله ثم أعطى السلب معوذ بن عفراء ولو كان الاستحقاق بالقتل لما خص به أحدهما مع قوله صلى الله عليه وسلم كلاكما قتله .
( فإن قيل ) كيف يصح هذا والمشهور أن بن مسعود رضي الله عنه قتله .
قلنا هما انحناه وبن مسعود رضي الله عنه أجهز عليه على ما روى أنه قال وجدته صريعا في القتلى وبه رمق فجلست على صدره ففتح عينيه وقال يا رويعي الغنم لقد ارتقيت مرتقى عظيما لمن الدبرة قلت لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم فقال ما تريد أن تصنع قلت أحز رأسك قال لست بأول عبد قتل سيده ولكن خذ سيفي فهو أمضى لما تريد واقطع رأسي من كاهل ليكون أهيب في عين الناظر وإذا لقيت محمدا فأخبره أني اليوم أشد بغضا له مما كنت قبل هذا فقطعت رأسه وأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقيته بين يديه وقلت هذا رأس أبي جهل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر هذا كان فرعوني وفرعون أمتي شره على أمتي