من قتال المشركين ليجترؤا عليكم بل قاتلوهم كافة لتنكسر شوكتهم وتكون النصرة لكم عليهم .
وفيما ذكر من الأخبار في الأصل عن الزبير رضي الله عنه عمن شهد المشاهد قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بني قريظة فقال من كانت له عانة فاقتلوه ومن لم تكن له عانة فخلوا عنه فكنت ممن لا عانة له فخلى عني قلت وما من أحد إلا وله عانة .
فالعانة في اللغة الموضع الذي ينبت عليه الشعر ولكن المراد من نبت الشعر على ذلك الموضع منه وجعل اسم الموضع كناية عنه .
وبه يستدل مالك رحمه الله تعالى فإنه يجعل نبات الشعر دليل البلوغ .
ولسنا نقول به لاختلاف أحوال الناس فيه فنبات الشعر في الهنود يسرع وفي الأتراك يبطىء وتأويل الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم عرف من طريق الوحي أن نبات الشعر في أولئك القوم يكون عند البلوغ أو أراد تنفيذ حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه فإنه كان من حكمه بأن يقتل منهم من جرت عليه الموسى لعلمه أنه كان من المقاتلة فيهم .
وذكر عن محمد بن إسحاق والكلبي رحمهما الله أن سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر كان مع سهم عاصم بن عدي وفيه دليل على أن الإمام ينبغي له أن يقسم الغنيمة على العرفاء أولا ثم يقسم كل عريف على من تحت رايته ليكون ذلك أسهل وفيه دليل على تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يجعل باسم نفسه سهما ولكن جعل نفسه تحت راية غيره .
وروى أن أول السهام خرج يومئذ سهم عاصم بن عدي لكون سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم وذكر عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله ما يصلح إلى من فيئهم ولا مثل هذه الوبرة أخذها من سنام بعيره إلا الخمس والخمس مردود فيكم فأدوا الخيط والمخيط فإن الغلول عار وشنار على أهله يوم القيامة فجاء رجل من الأنصار بكبة من خيوط شعر فقال أخذت هذه لأخيط بها بردعة بعير لي فقال صلى الله عليه وسلم أما نصيبي فهو لك فقال أما إذا بلغت هذا فلا حاجة لي بها .
وفيه دليل حرمة الغلول وإن ذلك في القليل والكثير ويستدل الشافعي رحمه الله تعالى بالحديث في جواز هبة المشاع فقد وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبه من الرجل وكان مشاعا .
ولكنا نقول مقصود رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المبالغة في المنع من الغلول يعني أنك تطلب مني أن أجعل لك هذه الكبة ولا ولاية