إتلاف الكل حقا له شرعا يصير ذلك شبهة في إتلافه جزءا منها والحد يسقط بالشبهة ثم يلزمه العقر لسيدها لأنه وطء في غير الملك فلا يخلو عن الحد أو عقر وقد سقط الحد بشبهة فعليه العقر ويكون للسيد بمنزلة كسبها لأن حق من له القصاص في استيفاء القصاص فلا يثبت في المال والعقر والكسب مال فيكون لمولاها بملكه رقبتها .
وإن كانت الجناية خطأ فوطئها الولي ففي القياس عليه الحد وبه يأخذ أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى سواء اختار المولى الدفع أو الفداء .
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى إن اختار المولى الفداء فكذلك الجواب وإن اختار الدفع فلا حد عليه استحسانا لأن بالجناية الخطأ لم يثبت للولي حق التملك فيها وهذا لأن موجب جناية الخطأ يكون على أقرب الناس من الجاني .
ألا ترى أن في الحر موجب جنايته على العاقلة وفي المملوك موجب جنايته على المولى لأنه أقرب الناس إليه ولهذا خير بين الدفع والفداء فإن اختار الفداء فقد وصل إلى ولي الجناية حقه وبقيت الجارية مملوكة للمولى كما كانت فتبين أنه وطئها ولا شبهة له فيها فكان عليه الحد .
فإن اختار الدفع فكذلك عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لأن موجب الجناية كان على المولى ولكنه كان متمكنا من اختيار الدفع بأن يقول هذا الشغل إنما لحقني بجنايتها على أن أدفعها لا خلص نفسي من هذا الشغل فكان هذا ملكا حادثا للولي فيها بعد تقرر فعل الزنى فلا يسقط به الحد .
وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يسقط الحد استحسانا لأن حق ولي الجناية في رقبتها وإن كان المولى متمكنا من تحويل الحق عن الرقبة باختيار الفداء بدليل أنها لو هلكت يسقط حق ولى الجناية وإنما سقط لفوات محل حقه فإذا تقرر حقه في محله باختيار المولى الدفع فإنما يملكها بسبب تلك الجناية وتبين أنها وطئها وله فيها سبب ملك فيسقط الحد كمن اشترى جارية على أن البائع بالخيار فوطئها المشتري ثم اختار البائع البيع فلا حد على المشتري ولكن هذا ضعيف لأنه لو كان له فيها سبب ملك لم يلزمه الحد .
وإن اختار المولى الفداء كما في المشتراة بشرط الخيار للبائع فلا حد على المشتري وإن فسخ البيع فيها وحيث وجب الحد هنا عند اختيار الفداء عرفنا أنه ليس فيها سبب ملك .
ثم ذكر في بعض النسخ فصلا وهو أنه زنى بجارية ثم اشتراها في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى يحد ولا حد عليه في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى .
فإن كان جواب هذا الفصل هكذا فلا حاجة إلى التكلف الذي قلنا في مسألة الدفع بالجناية لأن الملك الحادث بعد وجوب الحد