نحو هذا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
والمعنى فيه أن الإمام نائب في استيفاء ما وجب لحق الله تعالى فمن هذا الوجه يشبه الخصم ومجرد علم الخصم لا يكفي للقضاء فلا يتمكن القاضي من الاستيفاء توضيحه أنه لو سمع إقراره بذلك ثم جحد لم يكن له أن يقيم عليه الحد والمقر به في حق المقر كالمعاين بخلاف حد القذف والقصاص .
وروى بن سماعة أن محمدا رحمه الله تعالى رجع عن هذا فقال لا يقضي بعلم نفسه في شيء من الحدود لأنه هو المستوفى لذلك كله وإذا اكتفى بعلم نفسه اتهمه الناس فعليه أن يتحرز عن موضع التهمة .
( قال ) ( رجل اشترى جارية شراء فاسدا فوطئها ثم قذفه إنسان فعلى قاذفه الحد ) لأنه ملكها بالقبض مع فساد السبب وملك الرقبة مبيح للوطء والحرمة بعده بعارض على شرف الزوال وذلك لا يسقط إحصانه بخلاف الوطء في النكاح الفاسد لأن النكاح الفاسد غير موجب للملك فإن موجب النكاح ملك الحل فلا يمكن إثباته بالسبب الفاسد فيكون وطؤه في غير الملك .
( قال ) ( رجل قال لرجل يابن الزانيين فعليه حد واحد ) لأنه قذف أباه وأمه ولو كانا حيين فخاصماه لم يكن عليه إلا حد واحد فكذلك إذا كانا ميتين فخاصمه الابن .
( قال ) ( وإن قال لست لفلان ولا لفلانة لا حد عليه ) لأنه نفى ولادة الأم إياه فإن ثبوت النسب من الأم بالولادة فنفي ولادتها لا يكون قذفا لها إنما يكون قذفا لها إذا ذكر أنها ولدته من زنا فإنما يندرج ذلك في قوله لست لأبيك ولا لأمك لا يندرج قذف الأم يوضحه أن ولادتها إياه معاين فكل أحد يعلم بكذب القاذف في نفس ما هو معاين ولا يلحق الولد شين بهذا القذف بخلاف قوله لست لأبيك فإنه يلحقه الشين بنفي نسبه عن أبيه وإذا قال لم يلدك فلان لأبيه لا حد عليه لأنه صادق في مقالته وإنما ولدته أمه لا أبوه .
( قال ) ( رجل قال لامرأة زنيت ببعير أو بثور أو بحمار لا حد عليه ) لأنه نسبها إلى التمكين من بهيمة وذلك غير موجب للحد عليها وقد بينا أن نسبته إلى فعل لا يوجب الحد على فاعله لا يكون قذفا موجبا للحد ولو قال زنيت بناقة أو ببقرة أو بثوب أو بدرهم فعليه الحد لأن معنى كلامه زنيت بدرهم بدل لك وهذا افحش ما يكون من الزنى أن تكتسب المرأة بفرجها .
( فإن قيل ) بل معنى كلامه زنيت بدرهم استؤجرت عليه فينبغي أن لا يحد في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وهذا لأن حرف الباء يصحب الإعواض .
( قلنا ) هذا محتمل والبدل أيضا محتمل فتقابل المحتملان يبقى قوله زنيت فكأنه لم يزد على هذا حتى لو قال استؤجرت على الزنى بدرهم فلا حد على القاذف عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى